ISET

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث : مجال اهتمامات المركز ومشاغله البحثية يتجاوز الأشخاص والجهات، مركزا على شتى ألوان الثقافة العربية الإنسانية التي أنتجتها هذه البلاد وما جاورها؛ دون أن نغفل الثقافة الإنسانية العربية والعالمية منها عموما
 اتصل بنا من نحن بحوث مرويات النشاطات الرئيسة

بقلم أحمد دولة بن محمد الأمين:  

مدرس باحث، المعهد العالي
للدراسات والبحوث الإسلامية

المعارضات في شعر محمد بن الطلبه

 

1 مفهوم المعارضة

2 المعارضات في الشعر العربي:

2 -1 أمثلة من المعارضات

2-2 المعارضات والنقايض

3- تطبيقات

3- 1جيمية ابن الطلبه وجيمية الشماخ

3-2 مواطن الالتقاء والاختلاف

الخاتمة

 

 

 

 

 

"قد يقف الناظر في هذا الشعر على ذكر الحبيب وصده ... وجزر القول فيه ومده، فيظن لذلك بي الظنون غافلا عن قوله تعالى: {وأنهم يقولون مالا يفعلون} وإني إنما قلت ذلك على وجه امتحان القريحة ومحبة في المعاني المبتكرة واللمع المليحة، وما كل من قال فعل وكل من مدح سأل، على أنه من نشأ بحمد الله في حجر العلم صانه عن الرذائل، ومن أغناه الله تعالى بفضله شرفت نفسه عن الاكتساب بالمدح، ومن سالمه الناس وسالمهم استغنى عن الهجاء والقدح"

ابن الوردي

لقد كان ابن الطلبة عالما عاملا ورعا، وكان صاحب رسالة تعليمية وأخلاقية، سخر لها موهبته الشعرية ومعرفته اللغوية، وساعده استيعابه للعلوم العربية – مفردات وتراكيب وقواعد وأساليب، فاستحكمت عنده ملكة استحضارها عند الإرادة بالممارسة حتى صار كالجبلة، فيجري على لسانه منظومها كمنثورها وهذا ما دعا محمذن فال بن متالي إلى قوله المشهور فيه "أنه عربي أخره الله"[1] ويعني بهذه العبارة أن أسلوب بن الطلبة ارتقى عن الأساليب العربية المتأخرة إلى الأسلوب العربي الفصيح، فعصر العرب الخلص الذين لم تشب لغتهم بشائبة، وهذا ما جعل الكتاب الموريتانيين – أدباء، ومتأدبين – يدأبون على القول : إن شعره يحاكي الشعر الجاهلي.وما دعاهم إلى ذلك إلا اشتراكه مع شعراء العربية في عصورها الزاهية في القوالب والسمات الفنية التي تجمع بين البيئتين، بيئة الشاعر المحلية، والبيئة العربية القديمة.

ولا يهمنا أي الكتاب كان سبق إلى هذا التصنيف الذي صار مسلمة يتخلص بها من عناء البحث عن الخانة التي تناسب هذا الشاعر وشعره، تصنيفا وتعريفا:

                                                                                     {طويل}

تثاءب عمرو إذ تثاءب خالد

بعدوى، فما أعدتني الثؤباء

إن هذا التعبير الذي درج عليه هؤلاء لا أراه دقيقا، ولا أظنه منصفا، بل أرى أن يصنف شعر ابن الطلبه ضمن المدرسة البدوية الأصيلة في الشعر العربي بكل مقاييس التصنيف.

فهو مرآة تعكس الحياة البدوية التي عاشها الشاعر وصورها أدق تصوير فلا تكاد تحد في شعره بيتا واحد خارجا عن إطار بيئته الخاصة، ويشترك مع غيره في المشترك العام بين فئات الشعر الأصيل بما فيها من وزن وقافية والتزام بحر، وما فيها من مقدمة وتخلص وموضوع تتعدد صوره وتختلف وتتشعب تشعب المرئيات الصحرواية  من جبال وكثبان ووديان وسهول ويجود، وما فيها من تقلب المناخ من حر وبرد، وما فيها من ظعينة وظعن وحلول وحلل، وحمر وأتن وبقر وحشية وظلمان ونعام.

ولا يوجد عمل من أعمال البشر إلا وله سابق؛ فصر عنه أو ساواه أو تفوق عليه.

وطريق القول منهج تسلكة السابلة، ولا بد للمتخر أن يطأ موضعا موطوءا قبله، وليس – بالضرورة – أن يحجب المتأخر أثر المتقدم مع تعرضه لذلك.

ومعنى ذلك أنه طرق موضوعات طرقت في العصور المتقدمة، من جاهلية وإسلامية، ونكب عن أخرى جاهلية وإسلامية – أيضا- فلم يطرق ماكان يدور في الجاهلية من وصف للخمر واستدارة شربها، ولا الميسر وأعواده، ولا الإغارة والسلب والنهب، ولم يتطرق إلى الموضوعات التي اشتهرت في العصور الإسلامية من أوصاف الترف والمترفين وما يستدعي ذلك من نظم أشعار تتضمن خلاعة ومجونا، وما تتعرض له تلك الأشعار من وصف القيان والغلمان والحدائق والجنان إلى غير ذلك مما لا حصر له من خصوصيات البيئتين العربية الجاهلية والإسلامية.

وخصوصية القول أنه شفاف يرى ما تحته كما يرى ما فوقه، وإن كان كثيفا؛ لأن الكثافة فيه تختلف عن كثافة ذوات الأجسام. ومن هنا تنبثق مسألة التعايش بين الحسن والأحسن وما دونهما، ولكل من الثلاثة حيز في الذاكرة.

ومع إقرارنا بتعايش الثلاثة لا نكاد نجد حكما قطعيا يفصل بين عملين متشابهين من الأعمال الشعرية اشتراكا في أحد المقامات الثلاثة. وهذا من الخصائص العجيبة.

والمعارضات لون من ألوان المتشابه المتعمد، وإذا كان الحكم التفضيلي يستحيل أو يكاد بين الأعمال التي لم يقصد فيها ذلك، فما بالك في ما تعمد فيه؟

والقصائد التي يجري الحديث عنها قد تكون من النوع المتشابه قصدا، وهي قصائد محمد بن الطلبة الثلاث: الجيمية[2]  واللامية[3]  والميمية[4]، والقصائد المعارضة هي جيمية الشماخ بن ضرار [5]، ولامية الأعشى[6] {ميمون بن قيس}، وميمية حميد بن ثور[7].

وقد كانت النية متجهة – في بادئ الأمر – إلى دراسة مقاطع من القصائد الست المذكورة، فلما بدأت بالقصيدتين الجيميتين {جيمية الشماخ  وجيمية ابن الطلبه} ظهر لي أن الموضوع أوسع مما تصورت، فاقتصرت على دراسة نماذج من القصيدتين المذكورتين في هذه المرحلة، على أن يتم إفراد القصائد الأخرى بدراسة – إن شاء الله – عند سنوح الفرصة.

ويتطلب منهج الدراسة الأمور التالية:

تبيين معنر المعارضة ودلالتها، وتحت هذا التعريف التعريفات التاليه:

-         المعنى اللغوي

-         المعنى الاصطلاحي

-         الفرق بين المعارضات والنقائض.

 

 

لمحة عن تاريخ المعارضات في الشعر العربي:

نخلص هنا إلى محولة موازنة موضوعية بين القصيدة الموازنة وموازنتها من خلال اختيار نماذج صالحة لتكوين تصور عن مواضع الجمال في كل من القصيدتين؛ لنرى من خلال ذلك ما إذا كان المتأخر مقلدا، أم إنه ارتقى إلى مستوى الندية المنافسة أم التميز؟

 

المعارضة لغة:

يقال: عارض الشيء بالشيء إذا قابله، به ومنه عارضت كتابي بكتابك: قابلته به.

وعارضني أي بارزني. وفي الحديث الشريف ما معناه أن جبريل كان يعارضه – صلى الله عليه وسلم القرآن مرة في كل سنة وفي السنة الأخيرة مرتين[8] .

وأعراض الكلام ومعارضه، ومعاريضه: كلام يشبه بعضه بعضا. وهو أسلوب يتخذه حذاق المتكلمين للتعمية على المستمع مع تجنب الكذب. ومن المأثور {إن في الكلام لمناديح عن الكذب} قال ابن عباس ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم[9].

المعارضة اصطلاحا:

 

 

أما المعنى الاصطلاحي للمعارضة فهو: أن يقول شاعر – متأخر عن شاعر آخر في الزمن، طال ذلك الزمن للمعارضة فهو :أن يقول شاعر – طال ذلك الزمن أم قصر – أن يقول قصيدة يراعي فيها الخصائص الفنية الموجودة في قصيدة متقدمة عليها، ولو كان ذلك التقدم لا يتجاوز قدر ما تنظم فيه.

2- المعارضات في الشعر العربي

الشعر عاطفة فكرية عميقة الجذور قبل أن يكون صناعة. وهو شعور وابتداع لا جمود واتباع.

ومع ذلك نجد بعض الشعراء المقتدرين يحاكمون قصائد لشعراء آخرين تقدموا عليهم ربما كانوا أقل منهم شأنا؛ إعجابا بقصائدهم، لا انتحالا ولا عجزا. قال زكى مبارك – في تعليق على معارضات البارودي لبعض الشعراء – {ومعنى هذا أن الشاعر المجود لا يتصنع القول حين يعارض شاعر، وإنما تتفجر المعاني من نبع القلب، وهذا كلام عرفنا صحته حين نظرنا في بعض القصائد المعارض بعضها ببعض، وليس الشاعر مستعبدا لمن يعارضه وإن تأثر خطواته في الوزن والقافية والموضوع، والمعارضة في صميمها هي تلاقي روحين وائتلاف قلبين ... واقتتال عبقريتين} [10]

ليست المعارضة الشعرية إذا بدعا من الشعر، وليست وليدة اليوم فللمعارضات تاريخ عريق، معروف منذ عرف الشعر، وإذا كان شعر امرئ القيس وعلقمة، ومعاصريهما أقدم شعر محفوظ، فإن القصيدتين التين التين احتكم امرء القيس وعلقمة فيهما إلى أم جندب أقدم المعاضات[11]وكذلك مطارحة امرئ القيس والتوأم اليشكري[12]كانت أيضا نوعا من المعارضة. واستمرت المعارضات بعد ذلك استمرار الزمن حتى التاريخ المعاصر.

ونذكر هنا أسما بعض الشعراء الذين عارض بعضهم شعر بعض: على سبيل التمثيل والاستدلال، لا على سبيل الإحصاء والاستقصاء.

واخترنا لذاك مجموعة من متقدمي الشعراء وكبارهم، وأهملنا ذكر المشاعرات المباشرة والشعر التشابه الذي لم يثبت أن صاحبه نظمه بقصد المعارضة، لأن الشعر العربي متشابه الأغراض فضلا عن اشتراكه في الأوزان والقوافي واللغة الوظفة في التعبير، مع أن بحور الشعر لا تتجوز 15 أو 16 بحر على الأكثر[13]وحروف الهجاء 29، وكثير من بيئات الشعر متشابه أيضا، وهذا ما دعا سيد أحمد بن الدي إلى ترجيح أن يكون ابن الطلبه نظم القصائد المذكورة، قبل أن يطلع على القصائد التي التقت معها في المقومات الشعرية المذكورة قبل، ثم لما رأى الرواة هذا الالتقاء حكموا أنها معارضات؛ لتقدم تلك في الزمن وتأخر هذه . وربما أقر الشاعر ذلك اعترافا للسابق بالفضل وإن كان المتأخر متفوقا: مثلما قال الشاعر

ولكن بكت قبلي فهيج للبكا

بكاها فقلت الفضل للمتقدم[14]

وفي الحقيقة فإننا لولا ما ذكره صاحب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط، وهو ثقة، من أن ابن الطلبة قال ما معناه: أنه يرجو من الله أن يجلس مع الصحابيين صاحبي القصيدتين المعارضتين في ناد من أهل الجنة ليحكموا بينهم في شأن قصائدهم. لولا ذلك لرجحنا رأي ابن الدي في كون القصائد اتفقت في الخصائص المشتركة بين اشعر ذي البيئات المتشابهة.

أمثلة من المعارضات:

1-    عارض مروان بن أبي حفصة قصيدة الأعشى الكبير التي مدح بها قيس بن معديكرب ومطلعها:

رحلت سمية غدوة أجمالها

غضبي عليك فما تقول بدا لها[15]

هذا النهار بدا لها من همها

ما بالها بالليل زال زوالها

 

ومطلع قصيدة مروان – وهي في مدح الخليفة المهدي:

طرقتك زائرة فحي خيالها

بيضاء تخلط بالحياء دلالها[16]

قادت فؤادك فاستقاد ومثلها

قاد القلوب إلى الصبا فأمالها

 

وعارض أبو نواس قصيدة امرؤ القيس:

رب رام من بني ثعل

متلج كيفيه في قتره[17]

عارض زوراء من نشم

غير بانات على وتره

وقال أبو نواس:

أيها المنتاب في عفره

لست من ليلي ولا سمره [18]

لا أذود الطير عن شجر

قد بلوت المر من ثمره

 

وعارض أبو تمام قصيدة أبي نواس التي يمدح بها الأمين ومطلعها:

يا دار ما فعلت بك الايام

ضامتك والأيام  ليس تضام[19]

عرم الزمان على الذين عهدتهم

بك قاطنين وللزمان عرام

 

ومطلع قصيدة أبي تمام وهي في مدح المأمون:

دمن أم بها فقال سلام

كم حل عقدة صدره الإلمام[20]

نحرت ركاب القوم حتى يغبروا

رجلى، لقد عنقوا علي ولا موا

وعارض أبو البقاء الرندي قصيدة أبي الفتح البستي والقصيدتان مشهورتان

قال  البستي 

زيادة المرء في دنياه نقصان

وربحه غير محض الخير خسران[21]

وكل وجدان حظ لا ثبات له

فإن معناه في التحقيق فقدان

 

وقال الرندي

لكل شيء إذا ما تم نقصان

فلا يغر بطيب العيش إنسان [22]

هي الأمور كما شاهدتها دول

من سره زمن ساءته أزمان

 

وهذا قليل من كثير تعج به كتب الآداب العربية، ولو ذهبنا نتتبع متشابه الشعر في تاريخه الطويل لما استطعنا حصره والأعجزنا عده وحده، الأننا لا نكاد نقرأ قصيدة في عصر من الأعصار إلا ولها مماثلة سواء كان في عصرها أو في غيره، وإذا كان للشاعر بيئة مشابهة المتقدم عليه فاحكم بأن قصائدهما ستتفقان كليا أو جزئيا، قصد ذلك أو لم يقصد. أما في التاريخ الحديث فقد عارض البارودي أبا نوس، والشريف الرضى، والبحتري، والمتنبي، والبوصيري[23]، وعارض أحمد شوقي حوالي عشرين شاعرا بدءا من عمرو بن كلثوم حتى أبي البقاء الرندي متخيرا من كل عصر شعراء[24]

أما معارضات القصائد الشهيرة فكثيرة جدا كمعارضات ابن دريد المقصورة التي تعاقب الشعراء على معارضتها وتشطيرها وتخمسها حتى زادت معارضاتها على50[25] وكذلك فعل بمديحيات البوصيري وغيره[26]

وقد فشا ذلك في عصور الأدب المتأخرة حتى لا تكاد تجد شاعر شهيرا أو قصيدة سائرة إلا انكب الناس على معارضتها.

وابن الطلبة أخذ عهدا على نفسه بإحياء سنة العرب لغة وأدبا، لكنه لم يعارض من أجل المحاكاة ولم يلتفت إلى ضعاف الشعراء وإنما رجع بمعارضاته إلى أقدم الشعر العربي مصيبا بذاك أهدافه النبيلة، فإلى جانب المتعة الأدبية التي هي أساس الشعر، له أهداف أخرى منها إحياء لغة العرب {لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف} بالعودة إلى الأصول القديمة التي يحتج بها على صحة اللغة، وإحياء شعر الصحابة.

وتشجيع المتعلمين  على العناية باللغة السليمة وصيانتها ونفض الغبار عن قديمها بعد صياغتها صياغة تنظم الحياة التي يعيشها المتعلم ليكون أكثر التصاقا بلغته من خلال ما يرى ويسمع، لا من خلال ما يسمع فحسب.

والشعر لا ينفد حتى ينفد القول، وقديما قال أبو تمام[27]  

ولو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت

حياضك منه في القرون الذواهب

ولكنه فيض العقول إذا انجلت

سحائب منه أعقبت بسحائب

المعارضات والنقائض

بين المعاضات والنقائض اختلاف بين، فداعي المعارضات – غالبا- الإعجاب بالقصيدة كلها، أو ببعض جوانبها الفنية؟ فيعجب الشاعر الثاني بها وينظم على منوالها، بقصد الاحتذاء أو المنافسة، وربما استطاع المبدع ابتداع معان جديدة طاغية على سابقتها، فتبقى المشابهة بينهما مقصورة على الشكليات الضرورية، والقوانين الكلية التي لا يمكن الفكاك منها، مثل التزام الوزن والقافية والبحر فضلا عن الاشتراك في بعض المفردات اللغوية.

وفي كل الأحوال فالمعارض يسمتع القول فيتبع أحسنه في القصيدة المعارضة، وينكب عن الهفوات ويجدد ويبتكر معاني وأساليب تزيل الرتابة والتقادم عن معان سابقة تلقاها عالم الأدباء بالقبول ولاستحسان. وليس في ذلك من مستحيل، إذ إن المتأخر له تجربة من تقدمه.

والنقائض إن جمعتها مع المعارضات وحدة الموضوع، وتتبع جزئيات الغرض، والبحر، والقافية، فإنها تخالفها في كون غرضها إبراز المساوئ، ونقض الكلام فكرة فكرة، وتفنيد الأقوال، والطعن في الأفعال، إلى غير ذلك من تتبع السقطات والسب والشتم بالحق وبالباطل كما قال أحدهم:

                                                                                                 {بسيط}

إن يسمعوا الخير أخفوه وإن سمعوا

شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا

 

ومن أقدم هذا النوع ما حدث في صدر الإسلام عندما كان شعراء المسلمين ينقضون شعر شعراء المشركين[28]، وقد تطورت ذلك في عصر بني أمية. ومن أشهره: المهاجات التي أنشبت أظفارها بين جرير والفرزدق، ثم اتسعت حتى شملت كثيرا من شعراء تلك الفترة.

المفاضلة 

جبل الناس على حب المفاضلة بين الأنواع المتشابهة والأشكال المتقاربة، والحكم لبعضها على بعض.

وقد اهتم الأدباء منذ القدم بالموازنة بين الشعراء في كل قطر فوازنوا بين امرئ القيس والنابغة وزهير – والأعشى الكبير في الجاهلية[29]، وبين جرير والفرزدق والأخطل في الدولة الأموية، حتى إن مروان بن أبي حفصة لما لم يستطع الحكم المطلق لأحد منهم قسم بينهم أغراض الشعر بإنصاف قال:

                                                                                       {كامل}

ذهب الفرزدق بالفخار وإنما

حلو القصيد ومره لجرير

ولقد هجا فأمض أخطل تغلب

وحوى اللهى بمديحه المشهور[30]

 

وكذلك وازنوا بين أبي نواس ومسلم بن الوليد وأبي العتاهية، وبين ابن المعتز وبن الرومي وبين أبي تمام والبحتري، وكل هؤلاء من شعراء الدولة العباسية[31]

وعقدت الموازنات بين النوابغ. من الشعراء في كل عصر ومصر، واستمرت إلى عهد قريب، وليس ببعيد ما عقد من موازنات ومقارنات بين أحمد شوقي ومطران، وحافظ إبراهيم وغيرهم من الشعراء المعاصرين[32]

والتعصب لهذا أو ذاك وتفضيل زمن على آخر صرف كثيرا منهم عن حكم الحاسة الفنية التي تحكم للجيد، سواء كان جديدا أو قديما، وقد نقل عبد العزيز الجرجاني – شاهدا على قدم هذا النوع لا يخلو من طرفة قال: {وما أكثر ما نرى ونسمع عن حفاظ اللغة، جلة الرواة ممن يلهج بعيب المتأخرين، إن أحدهم ينشد البيت فيستحسنه ويستجيده فإذا نسب لبعض المتأخرين كذب نفسه، ونقص قوله: حكى إسحاق الموصلي أنه قال: أنشدت الأصمعي:

هل إلى نظرة إليك سبيل

فيبل الصدى ويشفى الفليل

إن ما قل منك يكثر عندي

وكثير ممن تحب القليل

 

فقال هذا ولله الديباج الخسرواني ولمن تنشد.

فقلت إنهما لليلتهما، فقال لا جرم، والله إن أثر التكلف فيهما لظاهر. ولهذا جاز ما ابتدعه خلف الأحمر من الشعر باسم شعراء الجاهلية"[33]

وما دعاني لنقل هذا المثال – هنا – إلا أنه ما تزال رواسب من أفكار هذا الاتجاه عند بعض المعاصرين فإننا نجد أحدهم يصدر حكمه على مستور القصيدة تبعا لشهرة صاحبها، فإذا عرضت عليه قصيدة لشاعر لا يعرفه رغب عنها، مهما كان مستواها الفني، وإذا أسمعته أحد المشهورين شعرا تلقاه بالقبول، ولو كان ذلك المسموع سقطة من سقطاته، لا يستحق تقويما ولا تسليما،

وكثيرا ما يقال هذا شاعر في زمنه، ولكن المتقدمين شيء آخر، يقول هذا دون الرجوع إلى المعايير النقدية، وإصدار الحكم بترو وأنات من خلال ميزان النقد المنصف، وتحكيم الذوق السليم على النص والنص المشابه، بغض النظر عن القائل والزمان والمكان.

والموازنة نوع من النقد ونوع من الوصف يقوم به المتصدي للحكم، ومصدر الحكم بمنزلة القاضي الذي يجب عليه تفحص جميع ما يعرض عليه قبل إصدار حكمه بنزاهة وتجرد من أي عاطفة، اتجاه قديم أو حديث[34] وقد نتج عن الموازنات الأدبية نمط من النقد يسعى إلى وضع معايير وضوابط للمفاضلة بين الأدباء وراوحت تلك المعايير بين الذوقي والموضوعي.

وسوف نرى – إنشاء الله فيما بعد أن تأخر الزمن ليس عامل تقصير أو قصور.

والمقابلة بين المعاني والمقارنة بين المفردات، وتقويم الأساليب، وتعليل الحكم على هذا بالجمال أو على ذلك بضده بما يقنع المتلقي من الصعوبة بمكان؛ لأن الحاسة الفنية أو الملكة الأدبية موزعة بين الناس توزيع العقل والحسن بباهره ومتوسطه وما دونهما. وكل إنسان يدعي صدق الحس وسلامة الذوق، وصدق القائل:

                                                                                          {طويل}

كدعواك كل يدعي صحة العقل

ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهل؟[35]

 

نعم كل يدعي صحة العقل ولكن ما كل مدع صادقا.

ومما يزيد صعوبة الحكم والتصديق اختلاف معايير الجمال.

وقد قسموه إلى قسمين بسيط ومعقد فالجمال البسيط: يكمن في مستوى من الوسامة تتناسب فيه جزئيات المرئي، ويدركه أكثر الناس ويكون في الألوان الجميلة وتشكيلها، وهذا النوع يستحسنه صغار السن –عادة –  ومن في حكمهم.

ومن أمثلة هذا النوع – في الشعر- الحكم ، والأبيات السائرة كقول طرفة – مثلا:

ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم تزود[36]

 

أما الجمال المعقد فهو الذي له تأثير يحار في تعليله اللبيب الحاذق، ولا يستطيع المرء تحديد مصدره، ومن هنا كان الأقدمون يظنون أن الشعر توجيه الشياطين على الشعراء: قال أحدهم:[37]

                                                                  {رجز}

إني وكل شاعر من البشر

شيطانه أنثى وشيطاني ذكر

وإن صح لكل شاعر شيطان فإن شيطان ابن الطلبه ذكر وهذا الشعر مشحون بالنوعين، فإذا كنا ندرك سر الجمال في قوله[38]

                                                                      {طويل}

وما مات من أبقى ثناء مخلدا

وما عاش من قد عاش عيشا مذمما

وما المجد إلا الصبر في كل موطن

وأن تجشم الهول العظيم تكرما

وما اللؤم إلا أن ترى المرء غابطا

لئيما لمال في يديه أن اعداما

 

فإننا لا نستطيع تحديد سر الجمال الآسر في قوله[39]

                                                                              {خفيف}

حي من ساحة المبيدع دورا

جنبة الريع قد دثرن دثورا

قد أضر البلى بها غير لوح

من رسوم تخالهن زبورا

وبقايا من أرمدات تقيها

خالدات الصفا الصبا والدبورا

 

تطبيقات

تبلغ مالقصائد التي عارض بها ابن الطلبة الثلاثة نحو ثلاث مائة بيت، لا يمكن تناولها كاملة، إلا في زمن طويل وكلام كثير، وغير قليل من التدقيق والتمحيص لا يتسع الوقت الحاضر له.

ولذلك اخترنا نموذجا منها، وسلوك منهج يحدد خصوصية الشاعر ويلمع إلى مواطن التقائه بالمعارض.

وتنحصر مواضع الالتقاء في إطار البيئة فمحمد شاعر بدوي[40]عاش في الصحاري والرحلة والوصف عنده هما الموضوع المحوري في القصائد الثلاث التي عارض بها الثلاث الأخر. وقد تخللت الرحلة حلقات مكملة للمشاهد التي رسمها تكون حينا للفخر وآخر للتوجيه والإرشاد.

ويمكن النظر إلى تلك الرحلة من زاويتين:

1-    رحلة متمثلة في الحركة المادية عبر الصحراء، يذهب فيها في مسارات متواترة، يصور من خلالها واقعه الاجتماعي، وبيئته البدوية الصحراوية، بكل مكوناتها الثابتة والمتحركة.

2-    رحلة ذهنية في التراث المعرفي، تجلت في اختياره للصور والتشبيهات والإحالات  المختلفة والإيحاءات المتنوعة، رسم من خلالها لوحات رائعة، ومشاهد ماثلة، ووجه إلى قيم قائمة في ذهنه متمثلة في سلوكه ومحددة لوجهته، هي مثله الأعلى الذي يجب أن يكون عليه مجتمعه. وبعبارة أخرى يراه النموذج الحضاري المفضل. ولعل أهداف تلك الرحلة في الصحاري، الوصول أو الاقتراب من جانب ذلك النموذج المثالي،

فلما أراد المعارضة اختارها أنموذجا للاحتذاء والمسابقة: قصائد اختارها النقاد من شعر هؤلاء فهي اختيار من شعر خيار، السمو إلى مستواها أو إلى قريب منه كاف – في حد ذاته – أحرى إذا ارتقت القصائد المعارضة إلى مستوى الندية أو تفويت على المعارضة. وهذا ما نحاول استجلاءه في السطور التالية.

مواطن الالتقاء والاختلاف:

لإبراز بعض مواضع الائتلاف والاختلاف نختار مقاطع من جيمية الشماخ وأخرى من جيمية ابن الطلبة. ونضعها على معيار الموازنة القاضي بأن نأخذ الأبيات التي التقت في الموضوع ونحاول الموازنة بينها لنرى أيهما أكثر حظا في التميز الإبداعي.

 

جيمية الشماخ

تعد جيمية الشماخ من القصائد الجياد التي عني الرواة والنقاد بها وأكثروا من النقل منها،

فلا تكاد تجد كتابا من كتب الادب القديمة إلى وجدت أبياتا مختارة منها قلت أو كثرت  كما نوه بها العلماء القدماء خلفا عن سلف، ومنهم، على سبيل المثال، الراوية الشهير عبد الملك بن قريب {الأصمعي} ومن الكتب التي تحلت بها أو ببعضها: حماسة أبي تمام، وكتابا الجاحظ: {الحيوان، التبيان والتبيين } والعقد الفريد، والأغاني، وأمالي القالين وديوان المعاني للفارابي، وسمط الآلي  والاقتضاب في شرح أدب الكتاب، والحماسة البصرية، وغير ذلك من أمهات كتب التراث الأدبية واللغوية[41]

وهي تقع في تسعة وخمسين بيتا وتشتمل على ثلاثة أفكار رئيسية، وتحت هذه الأفكار جزئيات تفصيلية. أما تقسيمها على الموضوعات فقد جاء على النحو التالي: خصص الشاعر اثنين وعشرين بيتا من القصيدة للنسيب وما يدخل في حكمه وحال صاحبه من ذكر الصبا والبعد عن أرض الحبيب والشوق والحنين إليه وصفات المحبوب الحسية والمعنوية. وفي الأبيات من الثالث والعشرين ذكر الرفيق وتلبيته للنداء وخدمته للصحب وما فيه من الصفات المحمودة وما يتعرض له- مع رفاقه – من مشقة السفر وعنائه. وفي الستة الأبيات من البيت الثلاثين إلى السادس والثلاثين وصف الناقة والمفازة وتحمله للسير في الحر الشديد. وفي الأربعة والعشرين بيتا الأخيرة من القصيدة وصف حمار الوحش والأتان وقد مهد لوصفهما بتشبيهه ناقته بالحمار الوحشي الذي يطارد أتانا، وقد استرسل في وصفهما حتى ليخيل للقارئ أنه لم يذكر الناقة إلى ليمهد بذكرها لوصف الحمار والأتان.

أما جيمية ابن الطلبة فهي من جياد الشعر بإقرار النقاد والعلماء بالشعر في هذه البلاد، نوهوا بها وأشادوا بتفوقها على الجيمية المتقدم ذكرها، نظمها في اثنين ومائة بيت مشتملة على تسع أفكار رئيسة وتحت كل فكرة لوحات تفصيلية لجزئيات الموضوع العام المكون للقصيدة. وهذه الموضوعات مترابطة فيما بينها، فهي تشبه – عندي – متاع البيت الذي يتألف من مجموعة من القطع الثمينة المختلفة الأشكال والألوان والأحجام، ولكنها مع ثذا التغير والتمايز تحتاج كل واحدة منها إلى الأخرى؛ لتشكل مجمعة متطلبات ساكن البيت. وتمثل لوحاتها التشكيلية النقوش والزخرفات التي تزين القطع المتجاورة المذكورة  قبل. فهي – شأنها شأن القصيدة العربية الأصلة – تجد فيها مقاطع وأبياتا مستقلة المعنى ولكن من بين تلك المقاطع وتلك الأبيات يتألف معنى عام هو موضوع القصيدة، فهي سجل مشتمل على مكونات البيئة البدوية بمن فيها وما فيها، يقرأ من خلالها تاريخ الشاعر ومجتمعه وتفاصيل حياته وطبيعة أرضه.

والأفكار التسع المذكورة هي: الأبيات التسعة الأولى وصف الليل وطوله والتشكي منه، والنجوم والمجرة. ومن البيت السابع إلى السادس عشر في وصف الهم والطيف الزائر وما يجلبه من  ذكر الأظعان والمواضع الراسخة في المخيلة التي كانت مرابع الأهل والأحباب وذكريات الصبا والشباب. والأبيات من السابع عشر إلى الخامس والثلاثين في تعاقب الفصول، ودخول الحر بعد البرد وتطلب المياه بعد الجزء وما يترتب على ذلك من وصف الرحلة ومن تسجيل للمواضيع التي تمر بها الأظعان في طريقها إلى المناهل ووصف توزيع الأحياء على المياه والأوشال، والأبيات من السادس والثلاثين الى الرابع والستين في ذكر المنازل والديار التي عاد الحي إليها مرة بعد مرة ومكانتها في نفس الشاعر.

والأبيات من الخمس والستين إلى التاسع والستين وصف البقرة الوحشية وبنها وتصوير حالها وبحثها عنه وما يصدر عنها من أصوات وحركات ويصف كيفية تشممها للأشياء التي تركتها السباع من ابنها، وحذارها من الصائد وكلابه، ومباغتته لها ووصف مطاردة الكلاب إياها ونجائها،ونجاتها منها الخ، ومن البيت الواحد والتسعين وإلى السادس والتسعين في وصف الظليم والنعامة وزفيفهما قبيل الظلام إلى الأفراخ والبيض في أنف ريح باردة. ومن البيت السابع والتسعين إلى المائة وصف أصحابه الفتيان الذين كانوا يرافقونه مع فخره بهم. وفي البيتين الأخيرين – وهما ختام القصيدة – نقد للقوم الدين سايرهم بعد قومه الأول الذين أثنى على صحبتهم وافتخر بهم.

وإذا نظرنا إلى الأفكار الواردة في القصيدة ابن الطلبة نجدها أضعاف الأفكار الواردة في قصيدة الشماخ التقدم ذكرها وهي أفكار – على تنوعها – بربط بينها علاقة عامة هي المكونات والكائنات البيئية البدوية كما تقدمت الإشارة إليه.

وقد افتتح ابن الطلبة بتطاول لليل وشكوى النزوح وانتقل إلى وصف الحيات البدوية وما فيها من رحيل ومقام وورود مياه وازدحام، ووصف الظعائن وركابها، والصحاري ونباتها، ووحوشها، والسماء ومجاراتها ونجومها، والتغلس والتهجير والسرى والإدلاج إلى غير ذلك من أطوار الحياة البدوية. وقد اشترك مع الشماخ في بعض الصور التي تمثلها الحياة البدوية المتشابهة بما فيها من رحيل وإقامة، وركوب ونزول وحيوان وانفراد ببعض الصور. وسوف أحاول إبراز بعض مواطن الالتقاء والانفراد باستعراض أبيات.نماذج من القصيدتين:

قال الشماخ:

ألا ناديا أظعان ليلى تعرج

فقد هجن شوقا ليته لم يهيج[42]

 

قال محمد:

تطاول ليل النازح المتهيج

أما لضياء الصبح من متبلج

ولا لظلام اليل من متزحزح

وليس لنجم من ذهاب ولا مجي

 

افتتح الشماخ قصيدته بجملة طلبية في الشطر الأول من القصيدة وأتبعها ـ في الشطر الثاني ـ بجملة خبرية علل بها الجملة الطلبية. وكان خطابه مباشرا واضحاـ على أسلوب الأقدمين.

ناديا الأظعان لتقيم ـ قليلا؛ فقد هجن الشوق بحيلها, وليتها لم تهيجه، أي ليتها لم ترحل. وافتتح ابن الطلبه قصيدته بجملة خبرية وأتبعها بثلاث مل إنشائية تشي بالتعجب والحيرة من استمرار الظلام وتوقف النجوم عن الحركة، وتطاول الليل وهو ممن الموضوعات المشتركة بين شعراء الغربية وهم لا يقصون الشكوى من الليل في حد ذاته، وإنما هو نوع من الرمز إلى انحسار الرؤية فيه أو محدودية النظر الذي هو رائد الإنسان إلى مراده وه بالتالي تعطيل جزء من الآلة التي تستخدمها الطاقة الداخلية للإنسان، فإذا تعطلت هذه الآلة أو هذه الحواس أو تعطل جزء منها أو حد من نشاطه أو عمله أصيب صاحبه بالكآبة، ولولا ذلك لكان الشعراء يفضلون الليل على النهار والظلام على الضياء، لأنه أستر لكثير مما لا يحبون أن يطلع عليه غيرهم، ولذلك صرح بعضهم بما لليل من منة عليه حين قال:

                                                                              (طويل)

وكم لظلام الليل عندي من يد

تخبر أن المانوية تكذب[43]

وقال أيضا:

                                                                             (بسيط)

أزورهم وسواد الليل يشفع لي

وأنثني وبياض الصبح

ومطلع ابن الطلبة هنا مختلف عن مطلع الشماخ، ويختلف إحساسه فيه عن إحساسه، فالشماخ ينادي الظعائن ويطلب إليها التعريج ليشفى غلته منها ويخفف شوقه، وهو يشكو من بعد الحبيب وتعذر لقائه؛ لبعد أهله من أهل الحبيب. أما ابن الطلب هبها أهلا ووطنا. فتداخل في القصيدة شكوى الاغتراب وبعد الأحبة والنأي عن الوطن.

ولكل عبارة دلالة خاصة: فالتطاول دليل امتداد الأمد، والنزوع يمثل الطموحات الضياء الجزئي المخفف من وطأة الظلام وهو المنفذ الذي يطل من خلاله الأمل. فهذه المكونات الوجودية مجتمعة تمثل مجموعة من المتناقضات، كما أن وجود الشاعر في هذا المكان مناقض لذاته وطموحاته. ومن السهل أن نلمس سبب التمايز بين التعبيرين فالشماخ جرى في قصيدته على الفطرة، وعفو الخاطر. أما ابن الطلبه فمعارض ووهمه أن يظهر على صاحبه في المرئيات الكونية إلى رسم صورة لمشهد أرضي متخيل ليمثله بمشهد علوي مرئي يبين أن السماء والأرض متشابهتا المشاهد.

وأن القرب ليس علامة الإدراك بالضرورة وأن البعد ليس حاجزا يمنع التوصل دائما، ولو كان ذلك التواصل لا يتجاوز التواصل البصري من بعد.

وهذا أيضا لون من تلاقي المتناقضات:

                                                                                           (طويل)

كأن به الجوزاء ربرب

فرقدها في عينه لم تفرج

وتحسب صبيان المجرة وسطها

تناوير أزهار نبتن بهجهج

كأن نجوم الشعريين بملكها

هجائن عقري في ملاحب منهج[44]

فالجوزاء حظيرة محكمة والثريا أولاد بقر وحشي مجتمعة محصورة بداخل تلك الحظيرة.

والمجرة منهج متسع تجتمع فيه أبناء النجوم كما تجتمع نواوير الربيع في روضة معشبة في سهل منبسط وفي وسط هذا المنهج اللاحب برك من الإبل البيض المقطع القوائم المرتفعة الأسنمة.

وهذه الصورة من أعجب الصور الجمالية التي تمتزج فيها الواقع بالخيال ولم أجدها في الشعر العربي القديم، وقد بحثت عنها في مظان وجودها من دواوين العرب وكتب التشبيهات والبلاغة، فلم أحل من ذلك البحث بطائل.

وأقرب شيء إليها ـ مما اطلعت عليه قول المهلهل بن ربيعة:

                                                                       (وافر)

كأن كواكب الجوزاء عوذ

معطفة على ربع كسير[45]

 

  ولم يرد المهلهل على جعل نجوم الجوزاء نوقا على حوار كسير.

2ـ وقال الشماخ:

أقول وأهلي بالجناب وأهلها

بنجدين لا تبعد نوى أم حشرج

ويقابله عند الطلبة:

سرى يخبط الظلماء من بطن تيرس

إلي لدى ابريبير، لم يتعرج

كان حديث الشماخ عن تباعدهما، فأهله بالجناب ويحل أهل ليلى بنجدين فأهلهما متباعدان وقوله لا تبعد عبارة يقولها العرب في الميؤوس منه، قال مالك بن الريب

(طويل)

يقولون لا تبعد وهم يدفنوني

وأين مكان البعد إلى مكانيا؟[46]

 

أما ابن الطلبه فإنه كنى عن المحبوبة بطيفها الذي سرى يخبط الظلماء ويجتاب الصحاري من بطن تيرس إلى أن أتاه عند ابريبيره سائرا في خط مستقيم. فالشماخ يصرح دائما، وابن الطلبه يكني.

3ـ وقال الشماخ:

كنانية إن لم أنلها فإنها

على النأي من أهل الدلال المولج[47]

وسيطة قوم صلحين يكنها

من الحر في دار النوى ظل هودج

 

ويقابله عند محمد:

ظعائن ينميها إلى فرع العلا

لعامر يعلى كل أزهر أبلج[48]

عليها سموط من محال ملوب

من التبر أو من لؤلؤ وزبردج

 

في بيتي الشماخ ذكر أن المنسب بها كنانية النسب، ولم يزد على القول: إن لم أنلها فإنها من أهل الحب الداخل في قلبي، وهي وسيطة في قومها أي ذات حسب ونسب غنية عن العمل وعن التعرض للشمس، الذي هو شأن غير المكرمات من النساء..

وأما ابن الطلبه فإن ظعينته ليست ظعينة مفردة وإنما هي ظعائن، وجعل انتماءها لبني عامر مغنيا عن قوله ذوات حسب ونسب لأن المشتهر بالشيء لا يحتاج إلى الوصف به.

كما قال ابن جابر الأندلسي:

(كامل)

جعلوا لأبناء الرسول علامة

إن العلامة شأن من لم يشتهر[49]

واكتفى ـ أيضا ـ بذكر لازم النعمة عن ذكرها؛ فالسموط والمحال واللؤلؤ والتبر والمرجان لا تكون إلى عند المكرمات المنعمات. ولك أن تحكم بين النصين من خلال ذلك.

4ـ وقال الشماخ:

هضيم الحشى لا يملأ الكف خصرها

ويملأ منها كل خصر ودملج[50]

تميح بمسواك الأراك بنانها

رضاب الندى عن أقحوان مفلج

ويقابله قول ابن الطلبه:

وفي الظعن مجوال الوشاح كأنها

صبير حيا في بارق متبوج[51]

تراءت وقد جد الرحيل بمشرق

هجان ووضاح أغر مفلج

نلاحظ أن وصف الشماخ لصاحبته وصف حسي غير مكني عنه في البيت الأول، هضيم الحشى خمصانة البطن ممتلئة الأطراف، وقد صرح بالخمص وكنى عن ري الأطراف بامتلاء الحجل وهو الذي يجعل في الرجل، وامتلاء الدملج وهو الذي يكون في المعصم.

وفي البيت الثاني كناية عن حسن نظام الأسنان في اللثة ونظافتها بالاستياك واستعار الأقحوان ـ أيضا لبياضها وصفاء لونها. وقد أحسن في هذه الأوصاف.

أما ابن الطلبة فقال إن بين الظعن من من صفاتها رقة الخصر، مكنيا عن ذلك بجولان الوشاح، ثم شبه لونها بالسحابة البيضاء المعلقة بين السماء والأرض فق اجتمع فيها الحسن والسمو والطهر والنفع، وأكد ذلك الحسن المتلألئ بالبرق المتبوج الذي يضيء الأرض بلمعانه، وقد أجاد أيضا.

5 ـ وقال الشماخ:

وتشكو بعين ما أكل ركابها

وقيل المادي أصبح القوم أدلجي[52]

ألا ادلجت ليلاك من غير مدلج

هوى نفسها مذ أدلجت لم تعرج

بليل كلون الساج أسود مظلم

قليل الوغى داج كلون اليرندج

ويقابله عند ابن الطلبة.

ونادى منادى الحي مسيا وقوضوا

نضائدهم يا هادي الحي أدلج

وقربت الأجمال حتى إذا بدت

نجوم الثريا في الدجى كالسمرج

تكنسن أحداجا على كل ناعج

عبن بأنواع التهاويل محدج[53]

وإذا أردنا إجمال ما يحمله مقطع الشماخ من معنى وجدنا أن ليلاه أدلجت من غير سبب يدلجها، متبعة هوى نفسها، ولم تعرج، وقد أصابها الإعياء من كثرة الترحال وقول المنادي أصبحتم أصبحتم وتجدر الإشارة ـ هناـ إلى إلى أن قوله أصبحتم دليل على البكور لأن الإصباح الدخول في الصبح ويقال عند استبانة أول علامته ـ عادة ـ ومرة يقول أدلجوا أدلجوا، والمراد ـ حينئذ ـ اقتراب الصبح لا دخوله، فهو يحثهم على الإدلاج قبل طلوع الفجر. وذلك مألوف عند أهل البادية الرحل، كما يقول: من أراد حث الناس على فعل أمر معين: انتهى الوقت، أو أتى الليل ونحو ذلك، والواقع أن الليل لم يأت بعد، وإنما المقصود تعجيل تنفيذ ما يراد تنفيذه. ثم ينتقل إلى وصف الليل الذي أدلجت فيه واصفا ذلك الليل بستة أوصاف مختلفة الألفاظ متحدة نالمعنى لتأكيد شدة الظلام. وإذا عدنا إلى البيت الأول من الثلاثة الأبيات التقدم ذكرها نجد أن بينه وبين ما بعده ما يستدعي  الانتباه ويدعو إلى النظر إذ إنه يذكر فيه أن ليلى كانت متعبة من كثرة السفر ومن نداء المنادي للرحيل، وقد بلغت من الإعياء مبلغا صار باديا على عينها ظاهر على ركابها فكيف ـ إذا ـ يتفق هذا مع كونها ارتحلت من غير داع يدعوها إلى الرحيل؟

أما ابن الطلبه فإن له ظعائن لا ظعينة واحدة قد صور رحيل هذه الظعائن بعد التحضير لذلك وإصدار الآمر أمره بالرحيل، ووصف ما يستخدم من أجل ذلك (نادى منادي الحي مسيا) ليبيتوا على استعداد، وقوضوا الخيام قبل رواح الليل فهم راحلون تحت جنح الظلام وقد قربت الأجمال قبل أن يسدل الظلام ستائره دونها وباتوا يرقبون نجوم الليل التي يستبينون منها جنو الصباح لأنهم يريدون الرحيل قبل أن يدركهم الحر القادم مع طلوع الشمس، ومن المعلوم أن أرضهم شديدة الحر صيفا.

فلما بدت لهم نجوم الثريا قبيل الفجر جعلوا الأحداج على الجمال ودخل النساء في مراكبهن النصوبة على الجمال وقد أحيطت تلك المراكب بأنواع الألوان الزاهية التي تشي برفعة ورفاهية من عليها إنهن:

هجائن بيض من عقائل عامر

جمعن إلى الأحساب حسنا وميسما[54]

فابن الطلبة إذا كانت ظعينته تسير بين الظعائن غير منفردة ـ فهي لا تنتقل إلا في جمع يحيط بها بخلاف ظعينة الشماخ، وزمان رحلتها محدد إنه طلوع الثريا بالفجل، واستخدم لذلك استعارات بليغة ركب منها صورة فريدة للمشهد الذي رسمه واستخدم الأساليب البلاغية العفوية بتعبير منسجم لا تكلف فيه، فحذف الدراهم المضافة للسمرج وأقام السمرج مقامها محولا لفظة السمرج[55] إلى استعارة جميلة.

وكذلك قوله تكنس حول مسكن الظباء إلى مراكب للنساء فأغناه ذلك عن تشبيه الظعائن بالظباء لأن صورة الظباء تسبق إلى الذهن عند ذكر الكناس لتلازمهما فجاءت الصورة مركبة من عدة استعارات جميلة.

6 ـ وقال الشماخ:

وأشعث قد قد السفار قميصه

وجر الشواء بالعصا غير منضج [56]

دعوت فلباني إلى ما ينوبني

كريم من الفتيان غير مزلج

فتى يملأ الشيزي ويروي سنانه

ويضرب في رأس الكمي المدجج

 

ويقابله قول ابن الطلبه:

وقد أصحب القوم الكريم نجارهم

وخيمهم من كل أروع مغنج

يحوط المداعي والمساعي مرزإ

تقي نقي العرض غير مزلج

عليه قبول يغمر الحي سيبه

إذا لم يكن للحي ملجا لملتجي[57]

وصف الشماخ صاحبه بالشعث وتخرق الثوب؛ لكثرة أسفاره وخدمته لرفاقه، وبأنه ملب للدعوة دائما، وهو كريم شجاع وغير رذيل.

أما ابن الطلبه فإنه ـ على عادته ـ لم يكن صاحبه مفرجا وإنما كان يصاحب مجموعة من الفتيان الكرام الذين يبذلون عند النوئب وينجدون عن\ الشدائد وهم يحوطون المداعي والمساعي متلفون لمالهم، ذوو أخلاق صافية لم تشبها شائبة.

الشماخ ألفاظه مفردة (لباني، ماينوبني كريم، يملأ الشيزي، يضرب في رأس الكمي)إلخ.

بينهما أوصاف ابن الطلبه جمعية "القوم، نجارهم ، خيمهم، كل أروع، المداعي، المساعي، الحي" إلخ.

وقال الشماخ مشبها ناقته بالحمار الوحشي:

كأني كسوت الرحل أحقب ناشطا

من اللاء ما بين الجناب يأجج

قويرح أعوام كأن لسانه

إذا صاح حلو زل عن ظهر منسج

خفيف المعى إلى عصارة ما استقى

من البقل ينضوه إلى كل مشجج

أقب ترى عهد الفلاة بجسمه

كعهد الصناع بالجديل المحملج

إذا هو ولى خلت طرة متنه

مريرة مفتول ن القد مدمج[58]

 

ويقابله قول ابن الطلبه:

كأني إذا أخليتها الخرق وارتمت

يداها برضراض الحصى المتأجج

على لؤلؤان اللون سفعا لاعها

تشمم أشلاء بمصرع بحزج

من الخنس قد باتت وأضحت تعله

بعمياء لا تخشى بها من مهيج

فباتت على فرد أحم كأنها

تلألؤ مقباس يشب لمدلج

تقطع من عزف الفلا جررا لها

حذار فمهما يعزف الدو تمجج[59]

هذان المقطعان لا يحتاجان إلى تعليق كبير لوضوحها إلا أن الشماخ شبه ناقته بحمار وحشي ناشط يرتاد الجناب ويأجج  أو ما بينهما وقد وصفه بعدة صفات منها قوله:

ناشط قويرح أعوام، خفيف المعى، أقب، طرة ظهره كمفتول من القد الخ..

وكلها صفات تدل على القوة والخفة المؤهلة للسرعة عند إرادة الجري.

ولما شبه الشماخ ناقته بحمار الوحش عدل ابن الطلبه إلى تشبيهها بالبقرة الوحشية وأضفى عليها الصفات الموحية بالجمال والسرعة فهي ملتاعة لفقد ولدها شديد الخوف والحذر من السباع والقناص لا تبيت إلا مرقب، وإذا حركت الرياح الشجر عضت على جرتها أو ألقتها، وهي بيضاء تتلألأ كالمقباس الذي يضيء للساري من بعيد.

وإذا نظرنا إلى المرجحات نجد أن الشماخ اكتفى في وصفه للحمار بالصفات التي تؤهله للسرعة إذا أراد الجري.

أما ابن الطلبه فإنه جمع بين الاثنين وزاد التناسب المعنوي الحاصل بين جنسي الناقة والبقرة الوحشية، فالمشبه عنده ناقة والمشبه به بقرة، بينما نجد عند الشماخ تشبيه الناقة بالحمار الوحشي.

وقد تفرد ابن الطلبه بصور جميلة جاءت في قصيدته لم نجد مماثلا لها في قصيدة الشماخ، فمن تلك الصور الصورة المتقدم ذكرها في الأبيات: كأنه به الجوزاء.

وهذه الصورة تجعل القارئ لا يدري أهو يقرأ قصيدة أم يشاهد مشهدا طبيعيا، لا يدري أهو ينظر الأرض، وقد اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج  فأخصبت، والرياض وقد أعشبت وأخرجت نواويرها الجميلة، تختلف فيها أوالفها وأوابدها، أم ينظر إلى السماء في ليلة غاب قمرها وصفت قبتها وأزهرت نجومها.

ومنها في وصف اشتداد الحر:

تربعها حتى إذا ما تنجنجت

جوازئها تعدو إلى كل تولج

وصرت على الظهران من وهج الحصى

جنادبها من لافح متوهج

وغرد مكاء الأخرة بالضحى

تغرد منزوف الشروب المزرج[60]

يصور الشاعر إقامة الحي في المكان الارتباع حتى إذا صوتت الجنادب، وغرد المكاكي، وأيبست الهيف العشب، ونضبت الغدران، واضطرب الجوازئ من شدة الحر؛ رحل الحي إلى المصطاف حيث الماء والظل.

ومن لوحاته التصويرية التي يخيل إلى القارئ أنه يراها، وصفه الظليم والنعامة، وعودتهما إلى بيضهما يسابقان الليل في أنف ريح نكباء، باردة يعودان أفراخا زعرا دردقا،

كأني إذا ما شبت المعز نورها

على تلك أو هيق هجف هزلج

أزج من الزعر الظنابيب معرس

بخرجاء هوجاء البراية عوهج

يعودان زعرا بالخميلة دردقا

ومرصوص بيض حولها لم ينتج

يظلان في آء وشري طباهما

بأقرج من أري الرواعد أدعج

تزايله طور وتأوي فأمسيا

بمتزح والشمس بالمتعرج

فهاجهما جنح الظلام ادكاره

فزفا له في أنف نكباء سيهج[61]

   ومن تلك الموضع أيضا وصفه، بتفصيل دقيق، المراكب النسائية التي كثير ما يشير إليها الشعراء إجمالا دون التعرض لتفصيل أنواعها وقد فصلها محمد بقوله:

فصبحن جلوى طامي الجم وارتووا

ولم ينزلوا عن هوج خدر هوج[62]

والخدر ينصب عادة على الهودج وغيره من المراكب النسائية ويجعل عليه ثوب أقطيفة؛ ليستر راكبته ويقيها حر الشمس، ويحفظها من البرد، ولا يتخذه عادة إلى الحظيات ذوات الحسب والحفاظ وذوات اليسار.

ومن المواضيع التي تفرد بها أيضا تشبيه الظعائن بالنخل الباسق الذي اختلفت ألوان ثمره فهو يشبه الظعائن في علوه وكثافة حمولته، ويشبه الأنماط التي تحف بها المراكب بألوان الثمر الذي احمر بعضه واصفر بعض واسود بعض، فهو بين مرطب ومنضج[63].

ومن المواطن التي تفرد بها: المقطع الذي ختم به قصيدته وهو مقطع توجيهي نبيل المقصد يحث فيه على مكارم الأخلاق، وجاء في صورة وصف أصحابه الذين يمثلون الخلق المثالي في المجتمع.

وقد نقلت للقارئ أمثلة من قصيدتي الشماخ وابن الطلبة وحاولت إبراز الفروق بينهما حسب ما يظهر لي من قراءتي النص والنص المقابل. وأمثلة مما تفرد به ابن الطلبة.

وهي محاولة وإن كانت غير وافية فإنها قد تفتح بابا للموازنة بين قصائد المعارضات بين الشعراء بأسلوب مبسط، وتمهد طريقا لكنه كثير الشعب؛ فينبغي لسالكه إمعان النظر والرؤية قبل إصدار الحكم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة:

 

قام هذا البحث بتقديم نبذة عن المعارضات في الشعر العربي وتاريخها، وبين أنها قديمة قدم الشعر، وسارت مع مسيرته الطويلة في تاريخه الطويل المتعرج، لم تتوقف منذ العصر الجاهلي حتى التاريخ المعاصر. ويندر أن يسلم منها شاعر مهما كانت مكانته فقد عارض كل من مسلم بن الوليد والبحتري وأبو تمام ـ وهم من كبار الشعراء ومشاهيرهم بل إنهم احتلوا قمة الشعر في زمنهم، ولا يزالون من ابرز شعراء العربية على من الزمن ـ وقد عارضوا شعر شعراء تقدموا عليهم، ظهر فيما بعد أنهم كانوا أقل منهم شأنا وأخفت حسا. وكذلك في العصور المتأخر فعل كبار الشعراء مثل صفي الدين الحلي وأمثاله، وامتدت هذه المعارضات إلى الزمن المعاصر. فهي سنة متبعة منذ القدم والمتأخرون ليسوا بدعا من المتقدمين.

وأعطى البحث نبذة عن الفرق بين المعارضات والنقائض، مبينا أن المعارضة منافسة شريفة والنقائض شتائم ونقائص.

ثم تطرق إلى الموازنة وصعوبتها، والموازن وما يجب أن يقوم به.

ثم حاول أن يعقد موازنة بين جيميتي الشماخ بن ضرار ومحمد بن الطلبه من خلال اختيار أبيات من كل منهما متقاربة في الموضوع، وقام البحث كذلك بمحاولة استجلاء مواطن التمايز بينهما. وقد تبين من الأبيات التي تعرض لها أن محمد كان أوفر حظا في التميز من الشماخ من الناحيتن الكمية والكيفية، فقد جاءت قصيدته قريبة من الضعف قصيدة الشماخ. وكذلك ظهر تميزه في النصوص التي التقيا فيها لحسن الصور التي ترسم والاستعارات التي تخدم، وثانيهما أن محمد تفرد بموضوعات كثيرة  لم يتطرق إليها الشماخ.

وقد بلغت الموضوعات التي تناولتها الموازنة اثني عشر موضوعا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مراجع البحث 

ابن أبي حفصة (مروان)، شعر مروان بن أبي حفصة جمعه وحققه حسين عطوان، دار المعارف، القاهرة، ط.3[د.ت].

ابن الرقاع(عدي) ديوان عدي بن الرقاع العاملي، تحقيق نوري حمود القيسي حاتم صالح الضامن، المجمع العلمي العراقي، بغداد 1407هـ.

بن الطلبه اليعقوبي (محمد بن محمد الأمين) ديوان محمد بن الطلبه اليعقوبي، شرح وتحقيق، محمد عبد الله بن الشبيه بن ابوه، مراجعة محمد سالم بن عبد الودود، تقديم محمد بباه بن محمد ناصر، نشر أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه، مراجعة محمد سالم بن عبد الودود، تقديم محمد بباه بن محمد ناصر، نشر أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،2000.

ابن العبد (طرفة)، ديوان طرفة قدم له وشرحه سعد الضناوي، دار الكتاب العربي، بيروت 1414هـ

ابن المعتز (عبد الله)طبقات الشعراء، تحقيق عبد السلام أحمد فراج، دار المعارف ط4، [د.ت]

ابن جني النحوي (أبو الفتح عثمان)، كتاب العروض تحقيق إحسان عباس، دار القلم، الكويت 1409هـ

ابن خلكان (أبو العباس) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار صادر بيروت، [د.ت].

ابن عبد ربه الأندلسي (أحمد بن محمد)، العقد الفريد، تحقيق على شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1989.

ابن منظور (محمد بن مكرم) لسان العرب دار صادر، بيروت، [د.ت]

أبو تمام (حبيب بن أوس)شرح الخطيب التبريزي، دار المعارف، القاهرة، ط4، [د.ت].

أبو نواس (الحسن بن هانئ)، ديوان أبي نواس، حققه وضبطه أحمد عبد العزيز الغزالي، دار الكتاب العربي بيروت، [د.ب]

الأصفهاني (أبو الفرج)، الأغاني، دار الكتب المصرية [د.ت].

الأصمعي (أبو سعيد عبد الملك بن قريب)، الأصمعيات، تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون، ط5 بيروت [د.ت]

الأعشى الكبير [ميمون بن قيس]، ديوان الأعشى، تحقيق محمد محمد حسين، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1983.

الآمدي(أبو بشر)، الموازنة بين الطائيين، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العلمية، بيروت، [د.ت].

البابي الحلبي (زكي مبارك) الموازنة بين الشعراء، القاهرة 1390هـ.

البستي (أبو الفتح ) ديوان أبي الفتح البستي، تحقيق درية الخطيب وآخر، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1410هـ.

الجرجاني (القاضي عبد العزيز) الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وغيره، دار القلم، بيروت، [د.ت].

الجمحي (محمد بن سلام) طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود شاكر، دار المدني، [د.ت].

حسين (محمد محمد)، الهجاء والهجاءون في العصر الجاهلي، دار النهضة العربية، ط.3، بيروت،

1970.

الحصري القيرواني (أبو إسحاق إبراهيم بن علي) زهر الآداب وثمر الألباب، تحقيق محمد البخاري ط.2، نشر عيسي البابي الحلبي، [د.ت].

الزيات (عبد الله)، رثاء المدن في الشعر الأندلسي، [د.ن.] 1990.

الشماخ (بن ضرار)، شرح ديوان الشماخ بن ضرار، تحقيق صلاح الدين، دار المعارف، القاهرة، 1968.

الصفدي (الإمام الدين)، الكشف والتنبيه على الوصف والتشبيه، حققه وعلق عليه هلا ناجي، ووليد بن أحمد الحسين، مجلة الحكمة، لندن، [د. ت].

علقمة الفحل (بن عبدة) ديوان علقمة بن عبدة الفحل، شرح الأعلم الشمري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1993.

قاسم (محمد)، تاريخ المعارضات في الشعر العربي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1983.

القالي (أبو على)، الأمالي، القاهرة، [د.ت]

القيرواني (ابن رشيق) العمدة في محاسن الشعر، تحقيق محمد قرقزان ، دار المعرفة، 1988. الكندي (امرؤ القيس ابن حجر)، ديوان امرئ القيس بن حجر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، [د.ت.].

اللخمي (ابن هشام) الفوائد المحصورة في شرح المقصورة، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1400هـ.

اللغوي (أبو الطيب)، مراتب النحويين، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر، القاهرة، [د.ت].

المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد)، الكامل، تحقيق محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، 1986.

المتنبي (أبو الطيب)، ديوان أبي الطيب المتنبي، بشرح ابن الإفليلي الأندلسي، تحقيق مصطفى عليان، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998.

مهلهل (بن ربيعة)، ديوان مهلهل بن ربيعة، شرح طلال حرب، الدار العالمية، بيروت، 1413هـ.

الناصري (أبو العباس أحمد بن خالد)، طلعة المشتري في نسب الجعفري، المؤسسة الناصرية للطباعة والنشر، الدار البيضاء، 1987.

الهاشمي (السيد أحمد)، جواهر الأدب، دار الكتب،[د.تس]

 

 

 


 

[1]  انظر سيدي أحمد بن الأمين، الوسيط في تراجم أدباء شنقيط ، الخانجي ومنير، القاهرة، 1989، ص94

[2]  مطلعها:   تطاول ليل النازع المتهيج    أما لضياء الليل من متبلج؟

[3]   مطلعها:    صاح قف واستلح على صحن جال      سبخة النيش هل ترى من جمال؟

[4]   مطلعها:  تأوبه طيف الخيال بمريما       فبات معنى مستجتما متيما

[5]  مطلعها: ألا ياديا أظعان ليلى تعرج            فقد هجن شوقا ليته لم يهيج

[6]   مطلعها: ما بكاء الكبير بالأطلال            وسؤالي وما ترد سؤالي

[7]  مطلعها: ألا هيما مما لقيت وهيما              وويحا لمن لم يلق منهن ويحما

[8]  مكي بن أبي طالب، الإبانة عن تحقيق القراءات، تحقيق شلبي، مكة، 1985، ص.128

[9] اللسان: عرض

[10]   ركي مبارك البابي الحلبي، الموازنة بين الشعراء القاهرة 1390هـ.، ص373

 

[11] المرجع السابق، ص، 373؛ راجع: امرؤ القيس بن حجر الكندي، ديوان امرئ القيس بن حجر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف القاهرة {د.ت} ص 41؛ ومطلع قصيدته:

خليلي مرا بي على أم جندب       نقض لبانات الفؤاد المعذب

ومطلع قصيدة علقمة:

ذهبت من الهجران في غير مذهب      ولم يك حقا كل هذا التجنب

ولمعارضة علقمة امرأ القيس قصة مشهورة في الأدب العربي وملخصها أن علقمة كان ينادم امرأ القيس فتذاكرا في الشعر فادعى كل منهما أنه أشعر من صاحبه، فقال امرؤ القيس قصيدته المذكورة، فعارضه علقمة بالقصيدة المذكورة – أيضا- فاحتكما إلى أم جندب: امرأة من طيئ هي زوج امرئ القيس حينذاك، ويروى أنها

حكمت لعلقمة، فقال لها امرؤ القيس: بم فضلته علي؟ فقالت فرس ابن عبدة أجود من فرسك، قال ولماذا؟ قالت: سمعتك زجرت وحركت، وهو قولك:

فللساق ألهوب وللسوط درة      وللزجر منه وقع أهوج منعب؛

وأدرك فرس علقمة ثانيا من عنانه، وهو قوله:

    فأدركهن ثانيا من عنانه    يمر كمر الرائح المتحلب.

 

[12]   راجع امرأ القيس الكندي، ديوان امرئ القيس بن حجر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف القاهرة، {د.ت}، ص 40، وديوان علقمة، ص 52 وتاريخ المعارضات، ص16.

[13]  من المعلوم أن بحور الشعر التي استقرأها الخليل بن أحمد خمسة عشر بحرا وزاد عليها الأخفش بحر آخر صارت به ستة عشر، لكن بعض علماء العربية لم يعترف بهذا البحر، ومنهم على سبيل المثال ابن جني انظر: أبو الفتح عثمان ابن جني النحوي، كتاب العروض، تحقيق أحمد فوزي النهيب، دار الفلم، الكويت 1409 هـ.، ص62 .

[14]   البيت لعدي بن الرقاع العاملي، ديوانه، ص.266.

[15] الاعشى ميمون الكبير {ميمون بن قيس}، ديوان الأعشى، تحقيق محمد محمد حسين، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1983ن ص 266.

[16]  ديوانه ص 77.

[17] ديوان امرئ القيس، ص96.

[18] أبو نواس {الحسن ابن هانئ } ديوان أبي نواس، حققه وضبطه أحمد عبد العزيز الغزالي، دار الكتاب العربي بيروت، {د.ت}، ص123

[19]   أبو تمام {حبيب بن أوس} ديوان أبي تمام، شرح الخطيب التبريزي، دار المعارف، القاهر، ط.4، {د. ت}ص 407.

[20]  المرجع السابق، ص407.

[21]  أبو الفتح البستي، ديوان أي الفتح البستي، تحقيق درية الخطنب وآخر، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1410هـ.ج 3، ص.150.

[22]   ديوانه 186، وقد أخطأ السيد أحمد الهاشمي في تاريخ وفاة البستي فجعلها في سنة 1122هـ {وفي جواهر الأدب} وتبعه في الخطأ محمود قاسم في تاريخ المعارضات، فترتب على خطئه جعله القصيدة المعارضة {بفتح الراء} معارضة {بكسرها}، والصحيح أن أبا الفتح البستي صاحب القصيدة الأولى متوفى سنة 401هـ والرندي متوفى سنة 798هـ ينظر أبو العباس بن خلكان، وفيات الأعيان وأبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، بيروت ج3/376؛ والسيد أحمد الهاشمي، جواهر الأدب، دار الكتب { د.ت} ص .ص 620، 670؛ محمود قاسم، تاريخ المعارضات في الشعر العربي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1983، ص 94وما بعدها.

[23]   محمود قاسم، المرجع السابق، ص 179 وما بعدها.

[24]  المرجع السابق، ص 192 وما بعدها.

[25]  انظر: ابن هشام اللخمي، الفوائد المحصورة في شرح المقصورة، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار مكتبة، بيروت، 1400هـ، ص. ص30-49

[26]   محمود قاسم، م. م.،ص.162.

[27]   ديوان أبي تمام، م.م.، ج1، ص.41.

[28] انظر محمد حسنين هيكل، الهجاء والهجاءون في العصر الجاهلي، دار النهضة العربية، ط.3، بيروت، 1970ص 174 وتاريخ المعارضات، م. م.، ص14.

[29]  محمد بن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود شاكر، دار المدني، {د.ت}، ج1/ص.ص. 57-65 وزهر الآداب وثمر الألباب ص636

[30]   مروان بن ابي حفصة، شعر مروان بن أبي حفصة، جمعه وحققه، حسين عطوان، دار المعارف، القاهرة، ط.3.ص55.

[31] ابن المعتز طبقات الشعراء، تحقيق عبد السلام أحمد فراح، دار المعارف، ط.4، {د.ت.}، ص 46.

[32]   الموازنة بين الشعراء، م.م.، 16.

[33] القاضي عبد العزيز الجرجاني، الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وآخر، دار القلم بيروت، {د،ت}، ص: 50.- يعني أن خلفا الأحمر كان ينشئ قصائد ويدخلها في دواوين مشاهير الشعراء.

قال ابو الطيب اللغوي: "كان يضرب به المثل في عمل الشعراء،

قال أبو الطيب اللغوي: "كان يضرب به المثل في عمل الشعر، وكان يعمل على ألسنة الناس، فيشبه كل شعر يقوله بشعر الذي يضعه عليه، ... فلما تقرأ ونسك ذهب إلى الكوفة فعرفهم الأشعار التي قد أدخلها فقالوا له: أنت كنت عندنا – في ذلك الوقت أوثق منك الساعة ...} مراتب النحويين، ص80.

[34] الموازنة بين الشعراء م.م. ص 53

[35]  أبو الطيب المتنبي، م.م.، ج4 /137

[36]   طرفة بن العبد، ديوان طرفة بن العبد، قدم له وشرحه، سعيد الضناوي، دار الكتاب العربي، بيروت1414هـ.، ص 120.

[37] الرجز لأبي النجم العجلي في ديوانه، ص103

[38] ديوانه، النص69، الأبيات 79-81

[39] الديوان، النص 29، الأبيات 1-3.

[40]  تختلف البادية الشنقيطية عن أكثر البادية العربية الأخرى، في الناحية الثقافية، فقد جرت العادة منذ فجر الإسلام أن العلم حضري، وأن الجهل بدوي، ولكن القضية منعكسة في هذا القطر في القرون الماضية، إذ ان البادية فيه أصبحت منارة علم ومدرسة أخلاق. وقد صدق فيها وصف العلامة المختار بن بونا:

     قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة      بها نبين دين الله تبيانا.

[41]  للمزيد من معرفة المراجع التي عنيت بها ينظر الشماخ بن ضرار، شرح ديوان الشماخ بن ضرار، تحقيق صلاح الدين دار المعارف، القاهرة، 1968، ص 98 وما بعدها.

[42] المرجع السابق، ص73.

[43]   أبو الطيب المتنبي، م. م. ، ج1 والمانوية فرقة فلسفية ترى أن الظلام مصدر الشر وأن الضياء مصدر الخير.

[44]   ديوان، النص 17، الأبيات 4 .6

[45]   البيت من القصيدة المشهورة التي مطلعها:

أليلتنا بذي حسم أنيري     إذا أنت انقضيت فلا تحوري

أنظر: مهلهل بن ربيعة، ديوان مهلهل بن ربيعة، شرح طلال حرب، الدار العالمية، بيروت، 1413هـ ص 38؛ وأنظر العقد الفريد ج5 / 189؛ والكامل؛ دج2/ 740 وأبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، دار الكتب المصرية (د.ت)، ج5/ 53 والأصمعيات ص32

وفي أثناء التعقيبات التي قام بها بعض المتدخلين أنشد الأستاذ إدريس بن عبد اللطيف (عتيه) أبيات ابن دراج القسطلي ديوان ابن الطلبه، النص17، الأبيات 5ـ7

وقد حومت زهر النجوم كأنها    كواعب في خضر الحدائق حور

ودارت نجوم القطب حتى كأنها     كؤوس طلى وافي بهن مدير

وقد خيلت زهر المجرة أنها          على مفرق الليل البيهم قتير

وإذا نظرنا إلى هذه الأبيات وجدنا فيها ثلاثة تشبيهات في كل بيت بشبيه قائم بذاته دون الآخر.

في البيت الأول يشبه النجوم بأنها كواعب حور في حدائق خضر.

وفي الثاني كان استدارة نجوم القطب به استدارة كؤوس وفي البيت الثالث كان النجوم شيب على مفرق الليل المظلم ولعل أطرف التشبيهات البيت الأخير.

كأن بنات نعش في دجاها     خرائد سافرت في حداد

وهي جميعها لا تمت بصلة إلى تشبيه ابن الطلبه إلا من ناحية اللفظ في كل من النجوم والمجرة.

[46]   أبو على القالي، الأمالي والذيل، القاهرة، (د.ت): ج/3/ 137(الذيل)

[47] ديوانه م.م.، ص74.

[48]  النص 17/42.

[49]  طلعت المشتري في النسب الجعفري ج1/105

[50]  ديوان الشماخ م.م.، ص. 75

[51]  الديوان، النص 17البيت 61.

[52]   ديوان الشماخ، ص.77

[53]   الديوان النص 17الأبيات 23. 25

[54]   ديوان محمد بن الطلبه، ص 424.

[55]   السمرج: استخراج الخراج ثلاث مرات في اليوم ينظر ديوان ابن الطلبه ص 150.

[56]   ديوان الشماخ، م. م.، ص 76

[57]   الديوان النص 17/97.

[58]   الديوان الملحق 1، ص 519.

[59] الديوان، النص 17

[60]   الديوان النص 17، الأبيات 17،19.

[61]  الديوان، النص 17، الأبيات 91، 96

[62]   النص 17 البيت 29

[63]   يراجع الديوان، النص 17الأبيات 51، 60.

القائمة

من أدب ابن الطلبة الحساني المزيد

من غزل ابن الطلبة  المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

شعر محمد بن الطلبة المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث مركز محمد بن المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

 
top Back to top