ISET

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث : مجال اهتمامات المركز ومشاغله البحثية يتجاوز الأشخاص والجهات، مركزا على شتى ألوان الثقافة العربية الإنسانية التي أنتجتها هذه البلاد وما جاورها؛ دون أن نغفل الثقافة الإنسانية العربية والعالمية منها عموما
 اتصل بنا من نحن بحوث مرويات النشاطات الرئيسة
 

بقلم سيد احمد ولد الدي :  

مدرس باحث

 

ملاحظات حول البناء الإيقاعي في قصيدة ابن الطلبه :

 

تقديم  

يسعى هذا الموضوع إلى محاورة تجليات البنية الإيقاعية في القصيدة العربية الكلاسيكية بموريتانيا مجسدة في نص محمد ابن الطلبة، وهو موضوع يطرح إشكالية "الاتباعية الشعرية" في علاقتها بالبنى النصية المنتجة لها أي من حيث هي انخراط في زمن شعري يفضح عن نفسه عبر ممارسة إبداعية قد لا ينفصل فيها الخيار الفني عن الموقف المذهبي والفكري.

وإذا كان النص الواصف قد اعتاد أن يميز السلوك الفني لهذا الشاعر أو ذاك انطلاقا من محددات البنية الإيقاعية، {فينعته بأنه "عمودي" أو "خليلي"، أو "حر" .. إلخ}، لمذهب شعري ما.

على أن مفهوم الإيقاع يلتبس لدى الكثيرين بمفاهيم قد تلامسه وقد تتقاطع معه، مما يستدعي التنويه بدءا إلى إن الإيقاع ـ كما نفهمه وكما نتناوله في هذه الورقة ـ اشتمل من تلك المفاهيم، فهو لا يتوقف على انتظام الوزن ولا غيره من العناصر المشكلة لمنظومة العروض ذات الطابع القسري، كما أنه يتجاوز الظاهرة الصوتية الصرف ليشمل مكونات البنية الزمانية والمكانية ذات الطبيعة التكرارية على امتداد الخطاب الشعري، فماذا نقصد بالبناء الإيقاعي إذن؟

أولا: في المفهوم

اختلفت تعاريف الإيقاع تبعا لاختلاف مفاهيمه لدى الدارسين. ومع أن الفكر الجمالي كان قد أفرز مصطلح الإيقاع {rythme} مبكرا[1] فإن عدم ضبط حدود هذا المصطلح انتهى به إلى انزياح دلالي "أضعف صبغة الاصطلاح فيه"[2] لدرجة اعتقد معها بعض الدارسين أنه لا يمكن تحديد الإيقاع بنظرية واحدة[3].

ومع ذلك فإننا لا نعدم تحديدات تحصر مجاله الدلالي سواء في حقل الثقافة العربية أو في الفضاء العالمي الأرحب. فقد ورد في لسان العرب ما نصه "الإيقاع من إيقاع اللحن في الغناء وهو أن يوقع الألحان ويبنيها"[4]

وفي المعجم الوسيط يتحدد الإيقاع بأنه "اتفاق الأصوات وتوقيعها في الغناء"[5] أما المعجم الفرنسي لاروس فيعرفه بأنه "التردد المنتظم الناجم عن توزيع عناصر لغوية {زمن قوي، زمن ضعيف، نبر...إلخ}"في البيت أو الجملة الموسيقية"[6]

وبتتبع هذه التعاريف وغيرها[7] يمكن أن نستخلص الملاحظات التالية:

ـ اتفاق هذه التعاريف حول معنى تردد ورجوع الصوت {منتظما أو متناوبا}، مما يعني أن الحديث عن إيقاع ما يستلزم رجوعا للأدلة عنه ينشأ إحساس بالانتظام والتناغم والانسجام سواء في الشعر أم في غيره من الفنون.

ـ شمولية المفهوم الإيقاع ظاهرة عامة تشمل الظواهر الدورية التي تنتظم الكون والإنسان.

ـ أسبقية الإيقاع كمصطلح إلى حقل الموسيقى الذي يبدو أنه هاجر منه إلى بقية الفنون ذات التجسيد  السمي والبصري بما فيها الأدب والشعر خصوصا.

حظيت به البنية الزمانية والمكانية للخطاب الشعري اتسع مفهوم الإيقاع أكثر ليصبح "العنصر الأولي المشترك بين جميع الفنون"[8] وليدل بالتالي على " الطريقة التي تتوزع بها  العناصر المترددة على طول المعطى اللغوي وخصوصا منها النبرات والوقفات في لمقام الأول، ثم الوحدات الصوتية، والصيغ التركيبية والمعجمية التي يمكن لترددها أن يخلق شعورا بوجود إيقاع"[9] يتجسد في أي شكل من أشكل الرجوع باعتبار أنه "في كل مستويات اللسان يكمن جوهر التقنية الفنية الخاصة بالشعر في الرجوعات المتكررة[10]

وهكذا يستقطب المفهوم إلى جانب العناصر اللغوية المسموعة جميع عناصر المشهد الشعري[11]، "فينقل الإيقاع من السماع إلى النظر"[12] أذ لا يمكن فصل المرئي عن صراعه مع المنطوق[13] في البناء الشعري.غير أن مصطلح الإيقاع ـ في مظهره الشعري ـ التبس على ما يبدو في سياق الثقافة العربية بمصطلحين دأب العرب على مقاربة البعد الموسيقي للشعر انطلاقا منهما[14] هما مصطلحا العروض الوزن، فما هي علاقة هذين المصطلحين بمفهوم الإيقاع حتى يترادفا معه في سياقات معينه ويحلا بديلا عنه في سياقات أخرى؟

يقدم الأخفش {ت.830 أو 835م.} أول تعريف دأب العروضيون والنقاد على تبنيه للعروض بأنه العلم الذي "يعرف به وزن الشعر واستقامته من انكساره"[15]

ولعل في هذا التعريف ما يلقي ضوءا كاشفا على العلاقة بين مفهومي العروض والوزن من جهة، وعلاقتهما المتلبسة بمفهوم الإيقاع من جهة ثانية. فإذا كان واضحا من هذا التعريف أن العروض هو مقياس تحقق الوزن، وأن الوزن بالتالي هو موضوع علم العروض والتجسيد المحسوس المفاهيمه حين "يعرض عليه" الشعر، اتضح إذن أن العروض {الذي هو مجرد مقياس لأوزان الشعر بتفعيلاته وبحوره المعروفة} إنما يشكل الجزء الصوتي المحسوب من الإيقاع الذي يتسع مفهومه لعناصر صوتية ليس انتظام الوزن العروضي إلا مظهرا لها، إليه تنضاف عناصر أخرى صوتية وغير صوتية.

وليس ببعيد أن يكون لطغيان الانتظام الوزني على القصيدة العربية الكلاسيكية علاقة بما استقر في أعمال نقدية عربية من اعتبار الإيقاع مرادفا للعروض حينا وللوزن أحيانا، وما نشأ عن هذا الخلط من تذبذب أقلق الصبغة الاصطلاحية لهذا المصطلح.

ومع ذلك فمهما اختلف الدارسون حول طبيعة ومشمولات مفهوم الإيقاع كتنظيم للخطاب، أي للمعنى"[16] وحول القيمة الدلالية الذاتية لهذا المظهر الشعري[17] وما يحققه من تأطير للعلمية الشعرية عنه تنشأ وحدة لفوضى الأصوات المتجانسة[18] فإنهم متفقون على أهميته في استكناه الظاهرة الشعرية باعتبار الدال الشعري الأكبر[19]و"الخاصة الأساسية في الشعر[20]"، أذ "لا يكاد يخلو اليوم تأليف عربي في الشعر من كلام حول الإيقاع"[21]مما يعكس شعورا يتنامى لدى الشعريين العرب بأهمية هذا العنصر كمدخل أساسي لأي مقاربة شعرية جادة، بغض النظر عن تصنيفاته لدى كل واحد.

تصنيفات الإيقاع:

اتجه المنشغلون بالشعر إلى استثمار منجزات النقد فيما يتصل بالمسألة الإيقاعية مقترحين تصنيفات عديدة فقسموه حسب مستويات تجلية إلى خارجي وداخلي، عروضي وغير عروضي.

1.: الإيقاع الخارجي والداخلي

فأما الإيقاع الخارجي فيحققه الوزن بمظاهره المختلفة، على اعتبار أن "الوزن ليس شيئا زائدا يمكن الاستغناء عنه"[22]، بل "هو حاجة عضوية تثور في البشر جميعا"[23] وأما الإيقاع الداخلي فهو إيقاع غير مرتبط بالوزن يتأسس على توظيف المادة الصوتية بصورة تتنوع من نص إلى آخر ومن منعرج  إلى آخر داخل النص الواحد[24] 

2: الإيقاع العروضي وغير العرضي

نجد هذا التصنيف خاصة في الدراسات المستفيدة من الإنجازات النظرية للشعرية الحديثة ويعتبر أصحاب هذه الدراسات أن الإيقاع يتجسد في مظهرين

 

ـ مظهر عروضي يمكن رصده بآليات العروض وقوانينه المعهودة في دراسة البحور والقوافي.

ـ مظهر غير عروضي قوامه مختلف العلامات اللغوية وغير اللغوية التي يمكن أن تعطي إحساسا بالانسجام {تكرار الحروف والكلمات والجمل،الهيئة الطباعية العامة[25]  إلخ...}

وبهذا المعنى يغدو البناء اللإيقاعي ـ الذي نتحدث عنه ـ منصبا على الطريقة التي بها يرصف الشاعر هذه الأدوات المختلفة لتتواطأ عضويا مع مستويات القصيدة الأخرى في خلق الكائن الشعري وإبراز قسماته ووظائفه فكيف بنى ابن الطلبة نصه الشعري إيقاعيا؟ وهل عكس هذا النص تجاوزا لحياد القالب العروضي القار ليورط الآلة الإيقاعية في إنشاء الدلالة؟ ثم إلى أي حد أسهم البناء الإيقاعي لهذا النص في بلورة مذهب محمد بن الطلبة الشعري وموقفه من الحياة والناس؟

لن نقدم بطبيعة الحال إجابات ـ ولا نملك أن نفعل ـ عن هذه الأسئلة بقدر ما سنحول مساءلة المتحقق والعيني من خلال إثارة ملاحظات هي في أغلب الأحيان تجميع من مدونة "الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري".

وبما أن الدرس المستفيض والمقتضي لتجليات الإيقاع في قصائد ابن الطلبة أمر خارج الإمكان في حدود هذه الإثارة السريعة، فإننا سنعمد إلى إجراء انتقائي يراعي كثافة الظاهرة في النصوص متجاوزا الاعتراضات المنهجية  حول مفهوم المتن وما يجسده من تجانس في البيئة. على أن معاينة المظاهر الإيقاعية في الديوان تستدعي منا فصلا إجرائيا بين مستويي الإيقاع العروضي وغير العروضي.

ثانيا.: في البنية العروضية لنص ابن الطلبة

سنتوقف في تناولنا للمظهر العروضي من الإيقاع الشعري عند عناصره الثلاثة: الوقفة والوزن والقافية.

1.الوقفة الشعرية

يعتبر مفهوم الوقفة ذا وظيفة أساسية فيما يتصل بالتفريق الجوهري بين الشعر والنثر وإذا كانت الجملة في النثر ذات بنية خطية مسترسلة تنتهي بنقطة {هي في الوقت نفسه حدود توقف الصوت والتركيب والدلالة} فإن النظم ـ الذي يقوم عليه الخطاب الشعري يعمل على كسر هذا التوازي حين يبني إيقاعه على عكس اتجاه المعنى. ذلك أن الجملة في الخطاب الشعري ذات وظيفة مزدوجة، تقتضي الاستجابة لحد أدنى من التواصل من جهة والوفاء لمقتضيات البناء الذي يقوم على التقطيع الموسيقي[26] المناقض لمطلب الوضوح الدلالي من جهة ثانية.

وبما أن التعارض الذي يقوم عادة بين الإيقاع والدلالة ينتهي دائما في الخطاب الشعري بانتصار الأول[27]، فإن البيت الشعر يفرض وقفاته التي لا تراعي بالضرورة حركة المعنى، خارقا التواطؤ القائم في الخطاب النثري بين الوقفات {الصوتية والتركيبية والدلالية}، وعاملا ـ عكسا لذلك ـ على إثارة منافرة بينها.فإذا نحن مثلا حللنا البيت التالي من ميمية ابن الطلبة:

وحلت ببطن الأتو مسيا وما به

 

علاق فبات الظهر حدبا مزمما

 

وجدناه مؤلفا من ثلاث وحدات نحوية دلالية مستقلة تجسدها جمل ثلاث يمن أن تنتهي كل منها بنقطة {وحلت ببطن الإتو مسيا/ وما به علاق/ فبات الظهر حدبا مزمما}، ومن وحدة إيقاعية واحدة ذات انتظام داخلي يقسمها إلى شطرين متساويين {صدر وعجز} يتألف كل منهما من أربع تفعيلات تقسم بينها فصلة بياض تترجم على مستوى النطق بصمت قصير يتواصل بعده الصوت حتى تستكمل الجملة الإيقاعية مداها بالوقف التام عند نهاية البيت.

وبتتبع هذا التداخل والتعارض في تفق حركة الإيقاع من جهة، وانسياب التركيب والدلالة من جهة ثانية، نلاحظ كيف يعمل نظام الوقفة في الشعر على جعل الدلالة تنتهي في نقطة يستمر فيها الصوت بفعل تواصل الدفق الإيقاعي، أو جعل الاندفاع الصوتي يتوقف بحدود الإيقاع دون أن يستكمل البناء النحوي والدلالي مداهما، فتنفصم بذالك الموازاة الصوتية الدلالية البانية لنسق الجملة في النثر.

وإذا كان "النقاش الذي عرفه حقل إنتاج النصوص الواصفة حول التفعيلة أولا، ثم القافية ثانيا، ظل يفتقد العنصر الرابط بين هذين العنصرين في غياب استيعابه النظري للوقفة ووظيفتها في النص الشعري[28] فإنما يعود ذلك ـ حسب رأي محمد بنيس ـ إلى أن  الوقفة كانت مستورة تحت القافية التي حجبتها. ففي النمط الأول لبيت الشعر العربي كانت الوقفة الوزنية {وهي في الوقت نفسه وقفة تركيبية ودلالية} منتهية بالقافية التي انشغل النقاد بطرق تفاعلها مع الوقفة الوزنية {نهاية البيت}[29] لذلك فإن دراسة هذا البعد الإيقاعي لم تكن متاحة خارج أفق الاستيعاب النظري لوظيفتها الشعرية، وهو أمر لم تتهيأ له الأرضية النظرية إلا مع الشعريين المحدثين.

وبالنظر إلى ما عكسته معارضات ابن الطلبة من اختيارات تحدد ضمنيا مثاله الشعري فإننا نرى أن مقارنتها بالنصوص التي عارضها قد تشكل مخلا موفقا لدراسة الوقف في ديوانه.

ولعل في الجدولين التاليين من المعطيات ما يسهم في تسليط بعض الضوء على خصائص الوقفة الشعرية في بيت الشعر التقليدي كما جسدها الشاعر البدوي القديم وكما تمثلها وابتعثها شاعر البادية الموريتانية:

 

 

 

جدول رقم1:           بناء الوقف في معارضات ابن الطلبة:

النص

عدد الأبيات

الصدور المنتهية بوقف نحوي ودلالي تام

نسبتها المائوية

عدد الأبيات المدورة

نسبتها المائوية

الجيمية

102

20

19.60

00

00

اللامية

093

14

15.05

25

26.88

الميمية

096

33

3437

00

00

المجموع

291

67

23.02

25

8.59

 

يبدو جليا من الجدولين رقم 2 أن هناك آلتين لبناء الوقف الشعري تعملان في اتجاهين يبدوان مختلفين، حيث يدفع منزع الوضوح الدلالي إلى إنشاء نوع من التنازر بين الأقسام الإيقاعية {الصدر والعجز} وبين الوحدات النحوية والدلالية {الجمل والتراكيب} نخفف التنافر عند نهايات الأشطر بين الوقف

جدول رقم2:         بناء الوقف في القصائد التي عارضها

النص

عدد الأبيات

الصدور المنتهي بوقف نحوي ودلالي تام

نسبتها المائوية

عدد الأبيات المدورة

نسبتها المائوية

جيمية الشماخ

059

07

11.86

00

00

لامية الأعشى

098

03

03.06

72

73.46

ميمية حميد

137

20

14.59

00

00

المجموع

294

30

10.20

72

24.48

 

الإيقاع والوقف الدلالي/ النحوي، مما يسمح بإنشاء جمل تامة مستقلة بمعانيها داخل شطر البيت الواحد، بحيث تبدو علاقة الصدر  والعجز {في مستوى ما} مجرد علاقة تجاور، في حين تدفع الآلية الثانية بتشويش الرسالة ـ وهو منزع شعري أثيرـ إلى أقصى مستوياته عندما توقع الوقف الإيقاعي عند نهاية صدر البيت داخل الوحدة المعجمية، عاملة بذلك على تفكيك الكلمة إلى قسمين منفصلين إيقاعيا. فينشأ عن ذلك توتر قوي بين الوقف الإيقاعي عند العروض البيت من جهة، والمندر النحوي والدلالي وحتى المعجمي الذي يبحث عن مستقره من جهة ثانية.

غير أن تتبع التقطيع الوزني داخل الأبيات ـ حتى الخاضعة الآلية الأولى ـ يبرز استحالة اتفاق هذا التقطيع تماما مع تمفصلات التركيب والدلالة {وإن اتفقا عند نهايات الأبيات}، مما يعني أن الآلتين معا تدفعان في اتجاه كسر التوازي الصوتي الدلالي المميز لبنية النثر. فيتضح بذلك أن "التعرض بين الوزن والتركيب مرتبط بجوهر النظم نفسه، إذ لا بد أن يدخل نسقا الوقفية في منافسة[30] متأدبة من كون النظم ـ عكسا المجريات الخطاب العادي ـ "يضع الوقفة حيث يرفضها المعنى ويتخلى عنها حيث يتطلبها"[31] مهما عملت الممارسة النصية ـ عبر بناء بيت مستقل "لا يحتاج إلى ما قبله ولا إلى ما بعده"[32]ـ على تخفيف هذا "التعارض".

وتبرز قراءة الجدولين مظاهر عديد للتناقص لعل أهمها فيما يتصل ببناء الوقفة ذلك الاتفاق التام في انعدام التدوير على مستوى النصين الأول والثالث في كلا الجدولين، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة التدوير في النص الثاني من كلا الجدولين، رغم الفرق الجلي في نسبة تواتر هذا التدوير {26.88% عند ابن الطلبة مقابل 73.46% في النص المعارض}.

وفي مقابل أوجه الاتفاق هذه نلاحظ اطراد الأشطر المستقلة عن بعضها إيقاعيا ودلاليا وتركيبيا لدى ابن الطلبة. ومع أن هذه الظاهرة غير جديدة تماما على القصيدة العربية ـ وقد عكست نصوص الشماخ والأعشى وحميد وجودا لها {يصل إلى نسبة {%10.2} من مجموع النصوص} ـ فإن تواترها لدى ابن الطلبة بما يفوق نسبة ورودها بأكثر من الضعف {%23.02} لا يخلو في تصورنا من دلالة قد يعززها ـ في الوجه المقابل ـ تدني نسبة ورود الأبيات المدورة في نصوصه الثلاثة إلى أقل من ثلث النسبة التي تحويها نصوص الجدول الثاني، مما يبرز نزوعا واضحا إلى أنشاء وقفات قوية تنبني بتمفصل إيقاعي تركيبي دلالي يتجاوز أحيانا صرامة الوقف في الوقف في القصيدة البدوية، فهل لهذا السلوك علاقة بطبيعة الخيارت الوزنية؟

2.    النظام الوزني

لعل أكثر خصائص الشعر التي نالت اعتراف الذائقة الشعرية العربية ـ على مدى تاريخها ـ خاصة الوزن فهذا الخطاب الذي "يكرر كلا أو جزءا نفس الصورة الصوتية"[33] قد اكتسب أكثر تعاريفه شيوعا باعتباره "كلاما موزونا مقفى". ولذلك اعتبر "الوزن أعظم أركان الشعر وأولاها به خصوصية"[34].

وإذا كان "البيت يحوي فكرة الرجوع المنتظم"[35]  بداهة فإن طريقة تجسيد هذا "الرجوع" تبقى أهم خصائص كل تجربة شعرية، فكيف نظم محمد رجوعه الوزني؟ قد يكون من المفيد في تناول الأداة الوزنية لدى ابن الطلبة واستراتيجياته في استغلال هذه الأداة أن ينظر إلى منظومته الوزنية من خلال مقارنة المعطيات المتعلقة بديوانه بتلك التي توفرها الدراسات الشعرية حول بيئته وعند معاصريه أولا ثم القصيدة البدوية التي شكلت أهم متعالياته ثانيا، وذلك انطلاقا من البحور التي نسج عليها وتلك التي أهملها.

بناء البحور في الديوان:

تنتظم مدونة ابن الطلبة الشعرية داخل سبعة بحور خليلية تامة[36] يعكس الجدول التالي طريقة استغلالها تبعا لعدد الأبيات التي نظمت في كل منها:

جدول رقم3:                             استخدام البحور في ديوان ابن الطلبة[37]

 

الرتبة

البحر

عدد الأبيات

النسبة الماؤية

1

الخفيف

466

31.1

2

الطويل

426

28.4

3

البسيط

311

20.6

4

الكامل

207

13.8

5

الرمل

040

02.7

6

المتقارب

038

02.2

7

الوافر

012

00.8

 

المجموع

1500

100

ويبين الجدول 4 طريقة استغلال البحور في مدونة الشعر الشنقيطي خلال القرن الثالث عشر.

وبالرجوع إلى الإحصائيات[38]المتوفرة عن مدونة الشعر القديم {ممثلة في مجموعتي الجمهرة والمفضليات} يتضح أن الشاعر القديم قد استخدم

جدول رقم 4:                     استخدام البحور لدى الشعراء الشناقطة خلال القرن الثالث عشر[39]

البحر

الرتبة

عدد الأبيات

النسبة المائوية

الطويل

1

4503

30.07

البسيط

2

3783

25.26

الكامل

3

2789

18.62

الخفيف

4

1258

8.40

الوافر

5

1166

7.78

الرجز

6

660

4.00

الرمل

7

292

1.95

المتقارب

8

197

1.15

السريع

9

159

1.06

المجتث

10

86

0.57

المنسرح

11

48

0.32

المتدارك

12

26

0.17

المجموع

 

14967

100

التشكيلات الوزنية على النحو التالي

الطويل{34%}، الكامل {19%}، البسيط{17%}، الوافر{12%}، الخفيف {5%}، المتقارب{4%}، الرمل {4%} السريع{4%}، المنسرح{1%}.

ويسمح استنطاق هذه المعطيات باستخلاص الملاحظات التالية:

ـ يشكل تصدر الخفيف للبحور الشعرية عند محمد استثناء في السلوك الإيقاع، ووجها للطرافة والأصالة في ديوانه. ومع أن الخفيف تأخر عن هذا الترتيب في مجمل الشعر القديم {الرتبة الخامسة} والموريتاني {الرتبة الرابعة} على السواء، فإن هذا البحر احتل الصدارة لدى اثنين من شعراء القرن الثالث عشر الشناقطة {هما الأحول ويقوي}[40]، فهل يؤشر ذلك على ميل ما إلى استغلال هذا البحر في زما محمد ومكانه؟

وباستثناء الخفيف، نجد ترتيب بحور الدرجة الأولى لدى ابن الطلبة هو نفسه لدى الموريتانين من معاصريه وكذلك في مدونة الشعر القديم من اختلاف جزئي في الترتيب بين بحري الكامل والبسيط.

وبالنظر إلى المساحة المستغلة ضمن الخريطة النظرية لبحور الشعر العربي يتضح أن محمد كاد يهمل بعض التشكيلات العروضية المهمة كالوافر الذي تبلغ نسبة تواتره 12  %ضمن مدونة الشعر القديم كما احتل الدرحة الخامسة بنسبة تقارب 8% لدى معاصريه، مما قد يعني أن الشاعر كان يستجيب لدواعيه الشعرية أكثر مما يسعى وراء التمرين والاستقصاء.

على أن محدودية المساحة المستغلة من الخريطة الوزنية تبرز انحيازا إلى الممارسة الشعرية القديمة {7 من أصل 9} على حساب التنوع النغمي الذي وصل بالمدونة الموريتانية على أيام محمد إلى 12 تشكيلا وزنيا لا نستبعد أن لتنوعها صلة بالموقف مما أتاحه الفضاء الأندلسي والمغربي من خيارات. ولنا أن نلاحظ غياب خمسة تشكيلات وزنية موجودة في المدونة الموريتانية من ممارسة ابن الطلبة أقصيت ثلاثة منها {الرجز، المجتث، والمتدارك} من مدونتي الجمهرة والمفضليات.

ورغم أن واحدا من هذه التشكيلات {الرجز يحتل المرتبة السادسة في الممارسة الشعرية المحلية ويلعب دورا بارزا في التقاليد المحظرية الموريتانية، فإن هذا التشكيل الذي يغلب الازدواج على قوافيه لم يسترع انتباه ابن الطلبة في مدونته الشعرية، بل تعاطاه أداة تعليمية لا وسيلة فنية، أفلا يعكس كل ذلك انحيازا للقصيدة القديمة وزنا وقافية؟

3.التقفية:

تشكل القافية ركنا أساسيا من أركان النظام العروضي في القصيدة العربية عليه يعتمد في تعضيد تكرارية الصوتية للبحر.

ويبدو أن تلازمية {الوزن والقافية} قد أدت بالعديد من المنشغلين بالشعر إلى اعتبار أن الوزن "مشتمل على القافية وجالب لها ضرورة"[41]

ومع أن الوزن والقافية يتقاطعان في الجزء الأكثر حيوية من البيت إيقاعيا {وهو التفعلة الأخيرة} فإن نظام اشتغالهما يبدو متمايزا، إذ يجسد الوزن نظام الرجوع على مستوى الصيغة الصوتية فقط، في حين تبنى القافية نظام تكرارها على صعيد الحروف المشكلة للصيغة نفسها.

وتتيح مجموعة الحروف المشكلة للقافية مداخل عديدة للدرس الإيقاعي سننشغل منها بالجوانب الوظيفية موكلين أمر استقصاء التقسيمات المدرسية للقوافي إلى أبواهما في تب العروض والنقد، وإلى ما ورد عنها من إحصائيات تخص شعر ابن الطلبة في مقدمة الديوان[42]

ولعل من أكثر عناصر القافية قدرة على إبراز الخيارات الإيقاعية ومن ثم الانتماء الفني للشاعر بلك المتعلقة بالوحدة والتنوع وبطبيعة حرف الروي.

أ‌.       بنية القافية:

تبرز نصوص الديوان التزاما كليا بالقافية الموحدة. ولعل هذا كان من الدوافع إلى إقصاء بحر له وجوده في مدونة الشعر الموريتاني المعاصر للشاعر هو بحر الرجز. وبالنظر إلى غياب هذا التشكيل الوزني من مدونة الشعر القديم التي أشير إليها آنفا فقد لا نستبعد أن يكون لموقف الشاعر من هذا البحر الذي تغلب عليه البنية الازدواجية علاقة بخيار فني لا يرى صاحبه جمالية الشعر خارج نظام النص الموحد القافية والروي.

ب‌.  بنية الروي يعتبر حرف الري المكون الأبرز في نظام القافية وهو ما يعكسه تسمية النصوص بحروف رويها حين نتحدث عن لامية الأعشى أو جيمية ابن الطلبه..إلخ.

ج. خيارات الروي:

يبدو من خلال إحصاء حروف الروي في الديوان[43] توسع في استغلال الإمكانات التي يتيحها النظام الصوتي {17من أصل 28}مع التركيز على الأصوات المجهورة، مما قد يستجيب لدواعي تواصلية تتصل بطبيعة التلقي الشفهي للشعر، وبطبيعة الفضاء الذي يقيم فيه الشاعر كما قد ينسجم مع سنن شعرة غير بعيدة بدورها عن نفس الفضاء وأفق التلقي. ومع ذلك فإن ابن الطلبة قد احتفظ لنفسه على ما يبدو ببعض التميز في استخدم هذه الأصوات لذلك يلاحظ "ارتفاع نسب ورود بعض الحروف مقارنة بنسب ورودها في الشعر العربي مثل القاف والجيم"[44].

ويوازي هذا الحضور القوي غياب حروف شائعة أو متوسطة الورود رويا مثل السين والكاف. على أن الديوان يخلو أو يكاد من الحروف النادرة في الروي.

د. حركة الروي:

 

تنقسم القوافي تبعا لحركة حرف الروي إلى نوعين: قواف مطلقة وهي ذات الروي المتحرك وقوف مقيدة وهي ذات الروي الساكن. ويبدو الشاعر نزوعا إلى الأول عزوفا عن الثاني، فمن بين 1500 بيت لم يقيد الشاعر إلا في 45 بيتا. أي أن نسبة القوافي المقيدة لديه لا تتجاوز 3% من مجموع الديوان.

وإذا تذكرنا أن هذا النوع من القوافي "قليل الشيوع في الشعر العربي، لا يكاد يجاوز 1بالمائة، وهو في شعر الجاهليين أقل منه في شعر العباسيين"[45] وتذكرنا كذلك أن من أصل 45} بدا لنا هذا العزوف غير منفصل عن الانحياز الذي لاحظناه في أغلب نصوص ابن الطلبة وتذكرنا كذلك أن هذه القوافي أكثر ما ترد في بحر الرمل[46]الذي وردت فيه معظم أبيات امحمد المقيدة {40من أصل 45} بدا لنا هذا العزوف غير منفصل عن الانحياز الذي لاحظناه في أغلب نصوص ابن الطلبة إلى الممارسة الشعرية القديمة في لحظتها الجاهلية مجسد في مختلف البنى العروضية، فكيف انعكس هذا الانتماء على مستوى الممارسة الإيقاعية خارج المنظومة العروضية؟

ثالثا ـ في الإيقاع غير العروضي

تضم مظاهر الإيقاع غير العروضية ـ كما ألمحنا سابقا ـ ظواهر "التكرير الدوري التي لا تعود إلى المحسوب والمقنن في المسطرة العروضية التي تشكل "انساقا فرعية لتنظيم الحركة النصية[47] طبقا لما يقتضيه تنظيم العناصر المكونة للنص لا ما يمليه الانصياع للقواعد القبلية.

وإذا كان الشكل التقليدي للقصيدة العربية يقتضي الخضوع لإكراهات الوزن والقافية التي شكلت إحدى أهم مرتكزات عمود الشعر، وإذا كان الشعراء ـ تبا لذلك ـ قد نهجوا مسلكا عروضيا موحدا قوامه وحدة البحر والقافية والروي مع ارتكاب جوازات محدد ومقننة، فإن طبيعة الإبداع تأبى النسخ المكررة، لذلك فإنهم لم يكتفوا بما تتيحه المنظومة العروضية من خيارات داخل البحر والقافية المحددين، بل سعوا إلى اقتناص التنوع داخل "الوحدة".

ومع أن النقاد القدماء كانوا قد تنبهوا إلى مظاهر إيقاعية أشاروا إليها تحت أسماء مختلفة وفي سياقات شعرية ولغوية متباينة مبثوثة في كتب النقد والبلاغة والعروض، فإن تناولهم لهذه المظاهر طغى عليه في كثير من الأحيان الهاجس التقعيدي،فحل التقسيم والتبويب محل الدراسة والاستكشاف، الشيء الذي استدعى  من الدارس الحديث قطيعة مع الروح المدرسية التي قيدت الشعريين القدماء بما ينبغي أن يكون، لا بما هو متحقق في البناء الشعري.

على أن رصد أشكال الانزياح الإيقاعي يبقى مرهونا بتموجات النص واندفاعاته. ويبدو ص ابن الطلبة كتوما في بناء إيقاعه الخاص يبتعد في العديد من تجلياته عن المبهرج والمسافر رغم ما له من مظاهر تبرزها المستويات التالية:

1.    مستوى الوزن

لم يكتف ابن الطلبة في بنائه الوزني بقواعد العروض ـ وقد أحكم نسجها ـ بل عمد إلى إغناء تكرارية البحر بأنماط من التكثيف الإيقاعي سمتها الانفلات من القيود مراوحة بين الخفاء والتجلي من نص إلى آخر، بل من مقطع إلى آخر دخل النص الواحد. ويمكن هنا أن نشير إلى تقنيتين اثنتين:

ـ تقنية تعتمد على تعزيز التقطيع الوزني بتقطيع معجمي، بحيث تلتقي مفاصل الوحدات المعجمية {الكلمات المفردة} بمفاصل الوحدات الوزنية {التفعيلات} كما في النص 67:

وغزال/ أغن في / بيت نعمى

 

ظل بيدي / تبسما/ عن الآلي

كاد يسبي الحليم عما قليل

 

وقليل/ أيامه/ والليالي[48]

وواضح أن الاتفاق التقطيعين العروضي والمعجمي أثره القوي في إحداث إيقاع راقص يسير في اتجاه عزل الأجزاء الإيقاعية مجسد عبر انفصال الوحدات المتصلة داخل نسقها الوزني الموحد جدلية القرب والبعد التي تحكم علاقة الشاعر وهذا الغزل.

ـ أما التقنية الثانية فتعتمد آلية اشتغالها على استغلال الوحدات الإيقاعية للبحر في سياق بحر مغاير، وتعمل هذه الآلية في اتجاه معاكس للأولى. ففي حين تستهدف الأولى إبراز التقطيع الوزني تشتغل الثانية على تشويش البنية العروضية للبحر من خلال إنشاء تفعيلات موازية يعززها بدورها تقطيع معجمي معارض للتقطيع العروضي. ويمكن أن نسوق الأبيات التالية مثالا:

فقفا/ وابكيا/ ولا تعذلاني

 

لاولا/تعجلا ولا عجلاني

واحبسا/ واسفحا/ وكفا/ وبثا

 

واربعا/ واجزعا/ لمن تصحبان[49]

ومع أن أن التكرارية المزدوجة {فاعلن/ فاعلن وفعولن/ فعولن} التي تنشأ هنا لا تؤلف تشكيلا عروضيا قائما بذاته وإنما تدخل مكونتاها {فاعلن/ فاعلن وفعولن/ فعولن} في بحرين متباينين هما المتدارك والمتقارب، فإن لوجودها بشكل مواز لتكرارية البحر الأصلية {فاعلاتن/ مستفعلن /فاعلاتن}أثرا في إعناء الإيقاع به يتخلى عن شكله الطحي لينبني عبر مستويات تتكامل في إغناء الدالالة.

ويبدو أن هذه الآلية خاصة في استعمال محمد بالخفيف ولعلها من بين أسباب الألفة اتل يستشعرها نحو هذا البحر كما يشير في النص رقم45

خفف السير بالخفيف علينا

 

إن غير الخفيف ويك خفيف

إن تكرور والخفيف لشيء

 

مطرب حين يستمل الظريف[50]

على أن هذه الأشكال من التقطيع المعجمي الإيقاعي لا تشكل أنساقا قارة بقدر ما تتيح عدولا يخفف من رتابة الوزن المجرد ويضفي مسحة خاصة لعلها أحد وجوه أصالة محمد الشعرية. غير أن هذا العدول ليس عزوفا عن الاستعمال التقليدي. فابن الطلبة يبقى وفيا لمحددات العروضيين في استعمال البحور، إلا أنه ـ بلمساته المرهفة ـ يظهر قدرة على إغناء البنية الوزنية النظرية بطبقات تنمي الإيقاع وتثريه.

2.    مستوى القافية:

كشفت قوافي ابن الطلبة عن فعل تكثيفي اتخذ مظاهر أهمها:

أ‌.       التصريع

ويقوم التصريع على "إلحاق العروض بالضرب وزن وتقفية" فهو تكثيف للقافية سواء وقع هذا التكثيف في المطالع ـ وهو الغالب ـ أو في أي مفصل آخر من مفاصل  النص وقد أسند النقاد القدماء إلى التصريع وظائف بنائية ونفسية حين اعتبروه من باب "مبادرة الشاعر القافية ليعلم في أول وهلة أنه أخذ في كلام موزون غير منثور"[51] ولأن التصريع "دليل على قوة الطبع، وكثرة المادة" فقد عد القصيد المصرع "أدخل في الشعر وأقوى من غيره[52] نظرا لكثافة القافية فيه.

ولعل هذا ما جعل الشاعر يعتنى في معظم نصوصه بالتصريع كما يوضحه هذا الجدول:

جدول رقم6:                                التصريع في الديوان:

التصريع أو عدمه

النصوص

 

الأبيات

 

 

عددها

نسبتها المائوية

عددها

نسبتها المؤية

مصرع

72

78.12

1384

92.26

غير مصرع

19

20.87

166

7.73

المجموع

91

100

1500

100

 

وتوضح النسب المائوية في هذا الجدول طغيان التصريع على نصوص الشاعر التي تتوزع التصريع فيها بنيتان تقوم إحداهما على تصريع المطالع، بينما تتأسس الثانية على تصريع داخلي:

ـ تصريع المطالع:

وهو ظاهرة مطردة عكسها عدد النصوص المصرعة التي بلغت 72من أصل 91 المشكلة لنصوص الديوان.

التصريع الداخلي:

وله حضوره القوي خاصة في المطولات غير أنه أقل شيوعا من سابقه إذ لا يتجاوز عدد الأبيات المصرة تصريعا داخليا في الديوان42. وقد بلغ الاحتفاء بالتصريع الداخلي مداه مع النص 54من الديوان[53] الذي جاءت جميع أبياته مصرعة فاستحال التصريع فيه لعبة نصية تبهر ببهرجها الصارخ. وإذا راعينا ما لأفق الانتظار من أثر على تشكيل القصيدة فهمنا أن الاحتفاء بالزخرف على هذا النحو قد يشل نوعا من الاستجابة لتحد قد تفرضه ذائقة شعرية شكلت علوم البلاغة المتداولة في المحاضر أرضيتها. ومن الطريف في بناء محمد بن الطلبة لمطالعة الداخلة أن يصرع أحيانا نهايات النصوص،[54] في مظهر استعراضي قد يجد تفسيره في الرؤية الجمالية السائدة، حيث يبدو الشاعر "أغزر مادة" حين يحافظ على طاقة التجدد على امتداد النص، حتى إذا ظنت منتهية إذا بها بعد في عنفونها.

ب‌.  التقفية الداخلية:

وتقتضي هذه الآلية الشعر أن تغادر القافية مكانها المعهود في نهاية البيت لتفاجئ المتلقي في أي مكان من النص كما في المثال التالي:

جللا كان غير ما بي وما بي

 

جلل فليك الهوى مثل ما بي

إنني إن إن أكن لما بي لما بي

 

غير رسم من الرباب يباب[55]

وتراوح هذه التقنية الإيقاعية بين الاختفاء التام في بعض النصوص، وبين الالتزام شبه المطلق كما في النص 88 الذي انبنى على نوع من المواطأة تراوح فيه القافية المكررة بين نهايات الأبيات وبداياتها فتعاود القوافي المشكلة لنهايات الظهور عند بدايات الأبيات تليها بشكل يبدو معه النص مقفى المطالع[56]

وإذا كانت هذه الصورة من التقفية مقصورة أغلب الأحيان على نصوص الرثاء والمدح وغيرها من الأعراض التي تكون الحاجة فيها قوية إلى التواصل مع الجمهور المتلقي، فإن صورة شبه القافية تبدو مطردة مبثوثة في الديوان. وتقصد بها صور التلاحم الإيقاعي التي يفرزها تجاوب الجناسات بحيث تشكل قوافي موازنة للقوافي الأصلية:

محمد سيد البادي وحاضره

 

مولي العدى فرقا مبدي الهدى فلقا

ج. تكثيف الروي:

وتقوم هذه الآلية على تعزيز حرف الروي بتكثيره أكثر من مرة في قوافي القصائد. وتطرد هذه الظاهرة خاصة في غزليات ووصفيات محمد ونجد تركيزا لها في معارضاته على وجه الخصوص.

ولا يبدو هذا التكثيف معزولا عن صور التراكم التي شكلت واحدة من أهم آليات بناء الإيقاع لدى ابن الطلبة والتي عكستها بنيات التكرار المختلفة.

3.    مستوى التكرار:

ويشكل التكرار لدى ابن الطلبة ظاهرة أخرى من ظواهر تعزيز الرجوع العروضي المنتظم بأنماط من الترديد غير المنتظم تخترق البناء النصي أفقيا وعموديا.

أ‌.       التكرار الأفقي: ويعتمد على ترديد حروف أو كلمات أو تراكيب عملا على تحقيق نوع من التجاوب الصوتي يقوي الإحساس بالوحدة والانسجام داخل السلسلة المنطوقة ويسهم في تقوية اللحمة الإيقاعية بين أجزاء البيت مخترقا الروتين الناجم عن التزام البنية العروضية.

وتطغى بنية التكرار الأفقي إجمالا على مطولات ابن الطلبة وخاصة في الفقرات الغزلية والوصفية منها حيث التناص القوي مع القصيدة البدوية، وحيث يقوم الترديد في المستويات الصوتية والمعجمية مقام بنيات ترديدية أخرى نجد تكثيفا لها في النصوص ذات المنحى الاجتماعي كالمديح والرثاء مما يعزز الافتراض بأن الشاعر يقيم علاقة اقتضاء بين الأدلة الشعرية وبين الدلالة.

ومع أن الوقت والفضاء المتاحان لا يسمحان بتقصي مظاهر هذا التفريق، فإن عين القارئ الحصيف لا تخطئ عبر نصوص محمد بن الطلبة المختلفة مظاهر للتكرير الأفقي تتفاعل إيجابيا في بلورة الدلالة.

ونلاحظ في ثلاثية المطية من معارضاته طريقة بناء التكرير الأفقي:

وقد أعسف الخرق المثيب اعتسافه

 

بخرقاء من سر الهجان عفنجج

مبينة عتق الحرتين وخطمها

 

يباري السنان غير أن لم يزجج

عجمجمة روعاء زيافة السرى

 

أمون كبرج الأندري المؤزج[57]

وهدت بي الرحال عنس زفوف

 

سهوة المشي لاقح عن حيال

عنتريس مهي الزمام سلوف

 

ناجلاها من الهجان العوالي

فكأني على هجف مزف

 

نافر جد رائح في انجفال [58]

تخيرت منها لاهتمامي عرندسا

 

يخال على الترحال والحل مقرما

بويزل عام كالمصاد عذافرا

 

كأن عليه خدر حدج مخيما

ذفر حروس لو تولِّيٍ لرحله

 

بحد المواسي زم أن يتزغما[59]

 

إن التكرار هنا يقوم على تراكم صوتي يصل مداه في كلمات مثل (عفنجج، تزجج، عجمجمة، زفوف) حيث يلتحم أصوات الحروف الرخوة السائدة ـ بتفاوت يمثله اختلاف السياقات ـ في النصوص الثلاثة (ع، س، ز، ف، ...إلخ) بالنجاسات الاشتقاقية وغيرها من صور التجاوب الصوتي عبر الأبيات (أعتسف/اعتساف، الخرق/الخرقاء، هجف/ مزف) في تصوير دؤوب السير ومدى السرعة الخارقة له\ه المطية التي لا نعتقد أن محض الصدفة هو ما جعل صفاتها في القصائد الثلاث تبدأ بالعين (عفنجج، عجمجمة/ عنس، عنتريس/ عرندس). ولنا أن ننزر في البعد التصويري الاتصال أصوات الزاي والفاء في كلمتي "زفوف" و"زيافة" المعبرتين عن السرعة في نصين يختلفان عن الثالث بأن المطية فيهما ناقة وليست جملا. فمن طبيعة الصوت في الخطاب الشعر أن يتخلى عن اعتباطيته المعهودة ليتلبس بعدا تصويريا تتناسل فيه الدلالات بتعدد الأدلة أفقيا وعموديا.

ب‌.  التكرار العمودي:

يعتمد هذا النوع من التكرار على استعادة السلسلة المعجمية أو التركيبية أو هما معا عبر أبيات عديد بحيث يقوم البيت أو جزء منه بنائيا على الذي قبله.

وقد جرى ابن الطلبة على سنن الشعراء في بناء مقاطع شعرية على هذا التكرار مراوحا بين إهمال شبه تام له في بعض النصوص، وبين استغلاله بكثافة نسبية في نصوص أخرى. وتتوزع التكرار العمودي في الديوان مستويات عديدة تبدأ بتكرار البنى النحوية والصرفية وتنتهي بجمل كاملة تطول أو تقصر حسب النصوص.

ـ تكرار البنى النحوية والصرفية:

ويعتمد على إقامة تواز تركيبي بين الأبيات يسهم في تحقيق التوازن الإيقاعي داخل البيت[60].

ويبدو أن محمد يميل في النصوص الغزلية والوصفية إلى استغلال هذه الآلية في حدودها الدنيا[61] كما في النص 89 حيث يقتصر عنصر التكرار على أداة العطف والحرف الناسخ، بينما امتداده قمته في النص الرثائي والمدحي الذي يمكن أن نثمل لتكراريته بهذا المقطع:

فلهديه ما اهتديت بهديه

 

أهدى من النجم اهتداء في الفلي

ولسيبه إما ترجي سيبه

 

أندى من السبل الركام الأسول

ولنصره إن تدعه لمضوفة

 

أهدى من اللجب اللهام الجحفل

ولعزه إما احتميت بطوده

 

أحمى وأمنع من شمارخ يذبل[62]

فبغض النظر عن مستويات الترار الصوتية والمعجمية تقوم التكرارية التركيبية هنا على تعدد العناصر (أداة العطف/ لام التوكيد/ مبتدأ مضاف/  مضاف إليه/الجملة الاعتراضية/ خبر في صيغة اسم تفضيل ...)ولا يخفى ما لهذا التعدد من أثر على الروابط العمودية بين الأبيات، فضلا عن تواز مفصلي تقوم فيه صيغ :أهدى/أندى/ أجدى مقام قواف داخلية تبني تكرار من مستوى آخر.

تكرار الجمل:

وهو التكرار الذي إعادة عناصر السلسلة النطقية كليا أو جزئيا. ويكاد هذا النمط يختفي في وصفيات اين الطلبة وغزلياته.

أما في القصائد ذات البعد الاجتماعي البارز (المديح، الرثاء..) فإن هذه البنية التكرارية تبلغ مداها (سواء من حيث امتداد السلاسل التكرارية كما في النص22[63] أو من حيث سيطرتها على أجزاء كبيرة من القصيدة). ويمكن أن نتخذ القصيدة58 مثلا على هذه البنية[64] حيث تتردد على امتدد النص ثلاث سلاسل تكرارية ذات أثر قوي قي تعميق معنى الشعور بالفاجعة ومرارة الإحساس بحتمية الموت.

وعكسا لما في البنية السابقة يتميز هذا النمط من التكرار بحضور لافت في جسد القصيدة، فكيف انعكس تشابه الأدلة عمودية على البنية المكانية لقصيدة ابن الطلبة؟

 

ج. التكرار وبناء المكان:

من الطبيعي أن يعني وفاء الشاعر التام للنموذج الخليلي في البحر والقافية التزاما ببنية مكانية هي بنية النص القديم ذات الأبعاد المحدد ببداية ونهاية ملعومتين منذ أول مصراع في القصيدة حيث المشهد الرتيب:

         

                             ــــــ    ــــم

                            ــــــ    ــــم

                      ــــــــ    ـــــم

فالقافية الثابتة والبياضات القارة ومساحة الكتابة المقررة معالم لبناء مشهد مغلق على ذاته ببعديه الأفقي والعمودي.

وإذا كانت السلاسل التكرارية التي تقوم على امتداد فقرات من النص قد أضفت تنظيما جزئيا للبياض والسواد يقتضيه بدء الأدلة وانتهاؤها عند نفس النقطة بشكل يسمح بقراءتها عموديا، فإن هذه البنية بمحدوديتها وخضوعا لنظام الوقف العروضي، لم تتح تلقيا بصريا للقصيدة يميزها عن بقية النصوص العمودية، وبالتالي فإنها لم تشكل اختراقا جديا لبنية المكان الثابتة ثبوت عمود الشعر، فهل يخفي ثبات جل عناصر البنية الزمانية والمكانية على هذا النحو انتقاء في المراجع وبالتالي موقفا من ما يفره التراث الشعري من خيارات؟

خاتمة: من البنية الإيقاعية إلى الفضاء الفني والفكري

لاحظنا خلال إطلالتنا السريعة على بنية الإيقاع في قصيدة ابن الطلبة تفاوتا في استغلال مكونات هذه البنية بين النصوص بحيث تحتل آلية معينة وظيفة المهيمنة الشعرية في قصائد بعينها متراجعة في غيرها لصالح آلية أخرى.

وإذا كان الثابت العروضي في شعر ابن البادية الشنقيطية قد أبان عن انحياز ـ لا يصل حد التماهي ـ إلى الممارسة الشعرية التي أرساها الشاعر البدوي القديم، فإن مستويات غير عروضية من بنائه الإيقاعي قد أظهر احتفاء نسبيا باللحظة البديعية في القصيدة العربية.

ومن هنا أمكن أن نميز بين مستويين في شعر محمد بن الطلبة: مستوى حاول خلاله أن يجسد مثله الأعلى في الفن وإن يبتعث في ديار قومه وبين أطلال حبيباته  نموذجه الغائب/ الحاضر في ما يمكن أن نطلق عليه "الشعر الخالص" الذي مثلته مطولاته الغزلية والوصفية، ومستوى استجاب فيه لذائقة شعرية صاغتها ثقافة محضرية بديعة صاعدة كان للشاعر بين منتجيها مكا الصدارة، فظل هذا المستوى محكوما بأفق التلقي. وقد تجسد هذا المستوى ـ غالبا ـ في الأغراض " الاجتماعية" ذات البناء الطقسي. وبهذا المعنى المنى يمكن أن نقول إن الإيقاع في قصيدة ابن الطلبة قد فصل بين انتماءين كانا يتوزعان الرجل: انتماء الفتى الشاعر وانتماء المربي المصلح، كما أسس الشعريتين: شعرية نموذجها القصيدة البدوية وتسفر عن نفسها بوضوح في المعارضات، وشعرية تصغى إلى إمكانيات التقبل في الفضاء العلمي وتستغل تبعا لذلك الجماليات البديعية وتمثلها المديحيات والرثائيات.

لذالك ـ ومع إدراكنا أن الحكم على تجربة شعرية ملا يمكن أن يتم اعتمادا على بنية معزولة ـ فإن إعادة النظر في "جاهلية ابن الطلبة" ـ وربما في التقسيم المدرسي للشعر الشنقيطي عموما ـ تبدو لنا مسألة مطروحة في ضوء ما تتيحه البنية الإيقاعية من معطيات.

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

أنيس (إبراهيم)موسيقى الشعر، ط. 4، دار القلم، بيروت، 1972.

البحراوي (سيد)"دراسة وتحقيق كتاب العروض للأخفش"، مجلة فصول، العدد الثاني، يناير/ مارس1986، صص. 123ـ 161.

بنيس (محمد)، الشعر العربي الحديث: بنياته وإبدالاتها، الجزء الأول (التقليدية)، الطبعة الأولى، دار توبقال، الدار البيضاء 1990.ج. 1، والجزء الثالث (الشعر المعاصر). ابن خلدون (عبد الرحمن)المقدمة، دار الجيل بيروت، بدون تاريخ. دار (شربل) الشعرية العربية الحديثة، دار توبقال، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1988.

ابن رشيق القيرواني (الحسن)العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل بيروت، الطبعة الخامسة، 198.

السعدني (مصطفى)الملفوظ الشعري (جدلية بين الدال والمدلول)(قرائة في تراثنا النقدي والبلاغي)، منشأة المعارف، الأسكندرية، 1989، ص.21.

الطرابلسي (محمد الهادي) "في مفهوم الإيقاع"، حوليات الجامعة التونسية، العدد، 32. 1991، صص. 7-22

ابن الطلبه (محمد)، الديوان، شرح وتحقيق الأستاذ محمد عبد الله بن الشبيه بن أبوه، الناشر أحمد سالك ولد ابوه، 1999.

تودوروف (تزفيتان)، الشعرية ترجمة شكري المخوت ورجاء بن سلامة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987.

عياد (شكري محمد)، موسيقى اشعر العربي (مشروع دراسة علمية)، دار المعرفة القاهرة، الطبعة الثانية، 1978.

العيد (يمني) في القول الشعري، دار توبقال للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1987

فراي (نورثورب)، تشريح النقد، ترجمة وتقديم محي الدين صبحي، الدار العربية للكتاب، طرابلس الجماهيرية الليبية،1991.

كوهن (جان)بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1986.

الماكري (محمد)، الشكل والخطاب (مدخل لتحليل ظاهرتي)، الطبة الأولى، المركز الثقافي، المغربي/ بيروت ـ الدار البيضاء، 1991.

مجهول المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية القاهرة، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1979،

المسعدي (محمود)،   الإيقاع في السجع العربي (محاولة تحليل وتحديد)، نشر وتوزيع مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله، تونس، 1996.

مصطفى (إبراهيم) وآخرون، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، المكتبة العلمية، طهران، بدون تاريخ،

ابن منظور (جمال الدين محمد بن مكرم) لسان العرب، بيروت، دار لسان العرب، 1970،

النويهي (محمد)، قضية الشعر الجديد، دار الفكر، ط2، القاهرة، 1971.

ولد الحسن (أحمد)، الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري (مساهمة في وصف الأساليب)، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ط.1، 1995

وهبة (مجدي) معجم مصطلحات الأدب (إنجليزي ـ عربي ـ فرنسي)، مكتبة لبنان، بيروت، 1974،

 

 

 


 

[1] كان اليونانيون أول من اجتهد في تحديد معنى الإيقاع، غير أنهم لم يستطيعوا بلورة مفهوم موحد له، انظر: {محمود المسعودي، الإيقاع في السجع العربي محاولة تحليل وتحديد}، نشر وتوزيع مؤسسات عبد الريم بن عبد الله، تونس، 1996، ص.5.

[2]  محمد الهادي الطرابلسي، "في مفهوم الإيقاع"، حوليات الجامعية التونسية، العدد32، 1991،ص.ص.7ـ22

[3]  محمود المسعودي، الإيقاع في الشعر العربي، تونس، 1996، ص.5.

[4]  ابن منظور6. لسان العرب، بيروت، دار لسان العرب،1970، مادة وقع.

[5]  إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، طهران، د.ت.، مادة وقع.

[6]  انظر

[7] نشير خاصة إلى التعارف التي أوردتها المعاجم التالية:

ـ مجدي وهبة، معجم مصطلحات الأدب، {إنجليزي ـ عربي ـ فرنسي}، مكتبة لبنان، بيروت، 1974

مجمع اللغة العربية، المعجم الفلسفي، بالقاهرة،

[8]  انظر

[9]  كيربرايت أورشيوني        نقلا عن محمد المكاري، الشكل والخطاب {مدخل لتحليل ظاهراتي} الطبعة الأولى، المركز الثقافي، المغربي بيروت ـ الدار البيضاء، 1991، ص.132

[10] تزفيطان طودوروف، الشعرية، ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلامة، جار توبقال للنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1987، ص. 64.

[11]  انظر

[12]  يمني العيد، في القول الشعري، دار توبقال ط1، 1987، ص150

[13]  انظر

[14]  ما يزال هذا الاتباس الذي يختزل الأدوات المفهومية لمقاربة موسيقى الشعر في العروض قائما حتى في الدراسات التي تسم نفسها بالعلمية. يلخص الدكتور شكري محمد عياد الغاية من دراسته حول "موسيقى الشعر العربي قائلا: الغرض من هذا المشروع إذن هو مواصلة الدراسة العلمية للعروض العربي من حيث توقف بتحديد المفاهيم الحديثة في الدراسة تحديدا أكثر دقة ، وعرصض النظريات عرضا أكثر استيقاء ومناقشتها مناقشة أكثر تفصيلا" انظر: شكري محمد عناد، موسيقى الشعر العربي {مشروع دراسة علمية}، دار المعرفة، القاهرة، ط2، 1978، ص.7.

[15] نقلا عن: سيد البحرواي، "دراسة وتحقيق كتاب العروض للأخفش" ، مجلة فصول، العدد الثاني، يناير/مارس 1986، ص.128

[16]  انظر

[17]  حول الدلالة الذاتية للإيقاع يمكن الرجوع إلى الفصل الذي عقده شكري محمد عياد عن "موسيقى الشعر ومعناه" ضمن كتابه موسيقى الشعر العربي. انظر: شكري محمد عياد موسيقى الشعر العربي. ط.2، 1978، دار المعرفة القاهرة، ص ص. 149ـ 166.

[18] نورثروب فراي، تشريح النقد، ترجمة وتقديم محيي الدين صبحي، الدار العربية للكتاب طرابلس، الجماهيرية الليبية، 1991، 377.

[19]  العبارة للهانري موشنيك، انظر:

[20]  مصطفى السعدي، الملفوظ الشعري جدلية بين الدال والمدلول، قراء في تراثنا النقدي والبلاغي، منشأة المعارف، العارف، الأسكندرية، 1989،ص،21.

[21]  محمد الهادي الطرابلسي، في مفهوم الإيقاع، م. س. ص.3.

[22]  محمد النويهي، المرجع السابق، ص. 21.

[23] النويهي المرجع السابق، ص.38.

[24] انظر محمد الهادي الطرابلسي، في مفهوم الإيقاع، م. س، ص.15.

[25]  شربل داغر، الشعرية الحديثة، دار توبقال، الدار البيضاء، ط1/ 1988، ص.14

[26]  انظر

[27]  انظر محمد بنيس، الشعر العربي الحديث: بنياته وإبدالاتها، الجزء الأول التقليدية، الطبعة الأولى، دار توبقال، الدار البيضاء، 1990، ج.1، ص 138، والجزء الثالث الشعر المعاصر}، ص.109.

[28]  محمد بنيس، المرجع السابق،ج.1، ص.142.

[29]  محمد بنيس، المرجع السابق، ج.1، ص.142.

[30]  محمد بنيس، المرجع السابق، ج.3، صص. 109ـ 110

[31]  محمد بنيس، المرجع السابق، ج. 1ص 138.

[32]  عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، دار الجيل، بيروت، {د.ت}، ص261.

[33] جان كوهن، بنية الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمراي. دار توبقال، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1986، ص. ص. 52ـ53

[34]  الحسن بن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، الطبعة الخامسة، 1981، ج، 1، ص. 134.

[35]  انظر

[36]  انظر مقدمة ديوان ابن الطلبة، ص. 76

[37]  الجدول منقول ـ بتصرف بسيط ـ من مقدمة الديوان، ص.76.

[38]  انظر إبراهيم أنيس، موسيقى الشعر، دار القلم، بيروت، ط. 4، 1972، ص. 210

[39]  نقلنا هذا الجدول عن: أحمد ولد الحسن، الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري مساهمة في وصف الأساليب} منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ط. 1،1995،ص.178.

[40]  انظر: أحمد ولد الحسن، م.م.، ص.190.

[41] ابن رشيق م. م. ، ج، 1، ص. 134.

[42]  انظر: مقدمة الديوان، ص. 78 وما بعدها.

[43]  انظر مقدمة الديوان، الجدول رقم 6 في ص.78.

[44]  انظر مقدمة الديوان، ص.29.

[45]  ابراهيم أنيس، م.م.، ص.289

[46] إبراهيم أنيس، م.م.، ص.289.

[47]  محمد بنيس، م.م.، ج.2، ص.147.

[48]  الديوان، ص. 409.

[49] الديوان، ص. 489.

[50]  انظر: الديوان، ص. 284.

[51]  ابن رشيق، م.م.ص.174.

[52]  ابن رشيق، م.م.ص.151

[53] انظر: الديوان: ص. ص. 317ـ 319..

[54]  انظر: الديوان: ص ص491 و504

[55] الديوان، ص. 130.

[56]  انظر: الديوان: ص.ص. 505 ـ 506.

[57]  الديوان، ص.164.

[58]  الديوان، ص.ص. 377 ـ 378.

[59]  الديوان، ص. 432

[60]  الديوان، ص. 401.

[61]  الديوان، النص. 89، صص510ـ511.

[62]  انظر الديوان 400 ـ 401

[63]  انظر: الديوان، ص.ص. 196 ـ 197.

[64]  انظر: الديوان، ص.333.

 

القائمة

من أدب ابن الطلبة الحساني المزيد

من غزل ابن الطلبة  المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

شعر محمد بن الطلبة المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث مركز محمد بن المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

 
top Back to top