ISET

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث : مجال اهتمامات المركز ومشاغله البحثية يتجاوز الأشخاص والجهات، مركزا على شتى ألوان الثقافة العربية الإنسانية التي أنتجتها هذه البلاد وما جاورها؛ دون أن نغفل الثقافة الإنسانية العربية والعالمية منها عموما
 اتصل بنا من نحن بحوث مرويات النشاطات الرئيسة

بقلم محمد سالم بن محمد لأمين ابن الطلبه:

أستاذ باحث

الرثاء في شعر ابن الطلبه

1-    تمهيد: ابن الطلبة: بين الوفاء للنموذج ولاستجابة للواقع

إن من يقرأ ديوان محمد بن الطلبة قراءة نقدية واعية سيلمس فيه بجلاء حضور النص الشعري التراثي في "عصور الذهبية" {الجاهلي، صدر الإسلام، العباسي} وهو حضور يتجسد على مستويات: اللغة ومكونات الصورة، هذا فضلا عن التناص، اللفظي والمعنوي، مع نصوص بعينها من تلك الفترة الذهبية، وهذه سمة لا تختص بها مدونة ابن الطلبه، بل تشاركها فيها أشعار كل من: الرعيل الذي سبقه زمنيا {كابن رازكه والمأمون اليعقوبي}، وأيضا شعراء جيله {ممن عاصر بداية حياته كمولود بن أحمد الجواد اليعقوبي أو أدرك آخر أيامه كابن محمدي العلوي}

ويمكننا هذا التصور، مثلما مكن غيرنا، من الجزم بأن الأدب الموريتاني في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كان يعيش فترة ازدهار فنية جسدها ذلك الحضور القوي في أشعارهم لأبرز خصائص عمود الشعر العربي.

وتعد مدونة ابن الطلبة من أبرز النماذج الفنية على المستوى الذي وصلت إليه القصيدة الموريتانية في الفترة المذكورة، تلك الفترة التي تعد استثناء حسب معايير علم الاجتماع الثقافي، وذلك من حيث إبداعها فكرا وأدبا عالمين"SAVANTS " في وسط صحراوي متقلب، متنقل، بالغ القساوة والشساعة معا مضارع لماضي صحراء الجزيرة العربية

إن ما يلمسه في هذه المدونة {مدونة ابن الطلبه} من تناص في المضمون وجزالة في اللفظ، وما تحيل إليه من مراجع جاهلية وإسلامية وعباسية، لا يعد أمرا غريبا، لأن الأسانيد المعرفية التي تغذي الخيال الفني لابن الطلبه، مؤسسة على ماكان يتم تقليه وتداوله في تلك الفترة من نصوص الأدب العربي القديم، التي يعد حفظها ووعيها ضرورتين منهجيتين الأي شروع في التعامل مع النصوص الشرعية ومساعداتها.

وبالتالي كانت نصوص تلك "العصور الذهبية" نموذجا لدى المبدعين والمتلقين على السوء وعيارا شعريا يحدد القرب منه أو البعد عنه درجة الإصابة ومستوى الإبداع.

من هنا نتساءل عن مدى الوفاء والاستجابة في شعر ابن الطلبه، لذلك النموذج وهذا الواقع الذي عاشه؟

تكاد تجمع الدراسات النقدية المنشورة حول الأدب الشنقيطي، وهي قليلة كما، على تصنف ابن الطلبه رائد لما يسمونه "المدرسة الجاهلية في الشعر الموريتاني" تلك المدرسة التي جسدت إبداعات روادها حضورا قويا للغة الجاهليين وصورهم، وحتى بنيهم الشعرية أحيانا.

لكن لا ينبغي أن ننسى أن الصحة النسبة لهذا التصنيف لا تعني غربة هذا الإبداع عن قضايا وسطه، فالتشابه كما هو معلوم لا يعني التطابق ولا ينافي التمييز.

فابن الطلبه – كغيره من شعراء عصره – وعى خصائص "ذلك الضمير الجمعي" الذي جسدته على مر العصور مدونة الشعر العربي القديم وهو ضمير مستتر ظاهر معا في الابداع والسلوك العربيين عامة، الصحراويين منهما خاصة .

وبما أن المجال غير سانح لتناول قضايا التشاكل بين الألفاظ والمعاني لدى الشعراء، ومدى الأصالة أو الإتباع فيها بينهم، وما أثاره ذلك في تاريخ الفكر العربي من قضايا فقهية أصولية من جهة وفنية أدبية من جهة أخرى، إلا أن ثمة أمورا بدهية تواتر النقاد قديما وحديثا على التسليم بفاعليتها في الإبداع عموما، ولعل من أهمها: ثقافة المبدع، بيئته ودورهما في تغذية الخيال وتشكيل اللغة.

كما أن من المعروف أيضا أنه لا يمكن أن يكون لشاعر أو فنان معنى مستقل تماما عن كل شيء آخر، وبالتالي فإن "الصلة الواعية" للشاعر بأسلافه تعد من مؤشرات نبوغه. فهناك ما تصح تسمية باسم الإحساس التاريخي بالمعنى أو الفكرة، وهذا الإحساس التاريخي لازم لاستمرار كيان الشاعر"[1]  

ثم إن النصوص الإبداعية المتميزة ليست في الحقيقة سوى سلسلة من الأصداء التناصية التي تحضر فيها باستمرار، وعلى درجات متفاوتة، الظلال اللغوية والصورية الأسلافها النصية.

ولقد كانت تلك الأصداء مسموعة في شعر ابن الطلبه لكن على نحو يستجيب لآفاق انتظار متقلية الذين كانوا يرون شعره من أبرز الخطابات الفنية التي تحقق المتعة الفنية من جهة وتعبر عن الواقع ومشاغله برؤية بعيدة عن الحياد والسلبية من جهة ثانية.

لقد كان ابن الطلبه " شاعرا إنسانيا" كرس خطابه الأدبي لمختلف الأغراض سوى المدح التكسبي والهجاء، بالرغم من أن "الجدل الكلامي" الذي احتدم أيامه كان بالغ الحساسية بالنسبة إليه من الناحيتين"الفنية والقبلية" إلا أنه رغب عن الإدلاء بدلوه في تلك الحرب الكلامية التلاسنية، لوعيه أن الهجاء الشخصي هو من باب النقص لا النقد العلمي البناء الذي يسمح بتعايش الرأي والرأي المضاد، خصوصا إذا كان هذا التعايش حتميا، وغير ضار بأي مستوى من مستويات الجياة.

من هنا داء شعره خطابا يزاوج بين الإمتاع والتوجيه والإصلاح والاستجابة، عموما، لما تمليه عليه شروط المكان والزمان.

فتغزل ونسب ووصف وعارض بعضا من نماذجه الفنية العليا مستحضرا مختلف الوحدات الفنية لقصائدهم، ثم مدح ثلة من الأفراد والجماعات مدحا مندرجا في باب "المصلحة العامة للمجتمع" .

كما تصدى بلهجة توجيهية حاسمة لإصلاح ما رآه أخطاء فادحة تهدد مستقبل مجتمعه على المستويات الاجتماعية والتنظيمية والعلمية والدينية الشرعية خاصة.

ولعل مما ينبغي إبرازه هنا أن لغة ابن الطلبه في تلك الأغراض والمضامين ظلت قوية جزلة رصينة بعيدة عن العيوب البلاغية التي اتفق عليها أطراف الخصومة من القدماء والمحدثين.

يضاف إلى هذا أنها لغة تناسبت من حيث المعجم والصرف والعروض والدلالة مع المضامين والأعراض التي كان يقصد إليها.

بالتالي يمكن القول في موضوعه أن شعره خلق وخلف صورة وشهادة فنيتين حازتا قبولا يكاد يكون مجمعا عليه في البلاد الشنقيطية  بين من عاصره ومن جاء بعده من النقاد وغيرهم.

وربما يعود ذلك إلى أن أسلوبه جمع بين أهم شروط اللحظة الإبداعية وجزالة الروافد، تلك الجزالة التي تكمن جمالياتها والانفعال بها في وجدان الإنسان العربي، مهما تطور أو بعد زمنا ومكانا عن تلك النابع التأسيسية التي يبدو أننا نتوارث الاستجابة لها.

ولقد عبر عن هذه الفكرة تعبيرا جيدا يوسف اليوسف[2] عندما أرجع أبرز مشاكل الشعر العربي اليوم تجاوزه غير الواعي للأدب الجاهلي.

فالشاعر العربي المعاصر، مهما يأخذ بأسباب المعاصرة، لن يكون بمقدوره الانسلاخ عن تلك الجذور العربية التقليدية التي يشكل الخطاب الأدبي الجاهلي نواتها.

ولذا فإن سبب عزوف معظم القراء اليوم عن الشعر المعاصر قد يعود إلى أن معظم هذا الشعر لا ينمو نموا داخليا حرا، وإنما يستورد تحولاته ومكونات صوره من الخارج، غير العربي طبعا.

هذا في حين كانت الاستجابة الواسعة لشعر رواد الإحياء في القرن التاسع عشر نابغة من أن خطابهم جاء عودة إلى لغة الروافد والأصول التي تم الابتعاد عنها إبان ما يحلو للبعض تسميته "عصور الضعف" ؛ ولئن كان الشعر الشنقيطي يمثل استثناء في هذه الحقبة حسب رأي عديد النقاد، إلا أن هذه التسمية تحتاج إلى مراجعة نقدية جادة، فازدهار الأدب في عصر ما أو انحطاطه لا يتناسبان طردا ولا عكسا مع مستوى الأوضاع المختلفة في المكان والزمان المحددين .

 

2-    الرثاء في شعر ابن الطلبه:  

الرثاء غرض من الأغراض تحرك الشاعر إليه بواعث تختلف عن نظيراتها في غيره من المضامين القولية، فهو كما رأى بعض النقاد[3] متميزة عن الخطابات التي مبعثها الرغبة والأخرى التي مصدرها الرهبة.

إن خطاب ذاتي موضوعي في آن، فالشاعر يستشعر عي أعماقه ألم فراق المرثي من جهة ويرى نفسه لاحقا إلى نفس المصير المجهول زمانه ومكانه من جهة أخرى، لذا فقد اعتبر صدى فعليا لما يعتمل في قرارة الراثي، وقد أكد ذلك الأعرابي في جوابه الشهير عند ما سأله الأصمعي "ما بال المراثي أفضل أشعاركم" قال لأنا نقولها وقلوبنا محترقة" ، من هنا فقد طلبوا فيه "أن يكون ظاهر التفجع بين الحسرة مخلوطا بالتلهف والأسف والاستعظام"[4] ، ولعل هذا أيضا ما جعله قريبا من المدح، لأن الراثي يخلع على مرثيه أبلغ الصفات "فليس بين المرثية والمدحة إلا أن يذكر في اللفظ ما يدل على أنه هالك". فتأبين الميت إنما هو بمثل ما كان يمدح به في حياته[5]

لكن مع ذلك تظل حدة الألم وحرارة العاطفة المستشعرتان بعد الفراق متفاوتتين، فالمحرك إلى رثاء الأخلاء وذوي السلطان غير الباعث على البكاء ذوي الأرحام؛ وقد عبر عن ذالك صراحة متمم بن نويرة في كلمته المشهورة إلى عمر بن الخطاب رضي لله عنه عندما أعرب له عن عدم إجادته في رثاء أخيه زيد بن الخطاب قائلا: "لم أرك رثيت زيدا كما رثيت أخاك"فرد متمم: "إنه ولله يحركني لمالك أخي أكثر مما يحركني لزيد أخيك" .

إلا أن المراثي وإن تفاوتت في الإعراب عن درجات الشعور تظل بصفة عامة، نابعة من نفس المعين، معين الكيان المتذكر للماضي، المنكسر بالحاضر المتوحش من المصير المقبل.

وبالنظر إلى الرثاء في شعر ابن الطلبه نجد أنه قد نجح إلى حد كبير في المواءمة بين المعاني الرثائية التي قصد إليها وبين القوالب اللفظية والعروضية التي اختارها لذلك.

وقد جاءت مراثيه متفجرة حزنا وحرقة، لأن التسعة الذين رثاهم لم تكن تحركه نحوهم أي دوافع الطمع أو الخوف، بل الوفاء والمحبة والتقدير، إذ هم جميعا بين ذي رحم وخليل وشيخ تختلف علاقته به عن نظيراتها مع غيره، مثلما اختلف خطابه فيه عن غيره.

والمراثي التسع التي في الديوان ست منها في البسيط واثنتان في الكامل ورملية واحدة؛ وقد تفاوتت هذه المراثي من حيث الكم، إذ تراوحت بين البيتين والقطعة والقصيدة، وهي كلها في مائة وستة وأربعين بيتا هذه تكاد تميز جميعها بتوازناتها الصوتية الصرفية والتقطيعية، وهي توازنات غذت الدلالة وكثفتها.

ونشير هنا إلى أننا نسترشد في قراءتنا هذه بفكرة الموازنات الصوتية في علاقتها بالدلالة، على اعتبار الموازنة نوعا من التردد والتكرار الإبداعيين اللذين يسفران عن سلسلة من الموازنات لعل أهمها  ما حدده العمري[6]في:

1-    الموازنة بين الصوائت :أي أنواع المد وأنواع الحركات {الترصيع}

2-    الموازنة بين أنواع الصوامت {تجنيس}

3-    الموازنة بين الحركات والسكنات {التفعيلات والأوزان العروضية}؛

4-    الموازنة بين مقاطع القصيدة {على مستوى الأبيات مثلا}

ويمكن الحديث أيضا عن توازن داخل الكلمة المفردة يمنحها جرسا وحضورا مميزين خاصة في الكلمات الرباعية والسداسية التي تتكرر فيها حرف معين أكثر من مرة، وهو كثير في شعر ابن الطلبة.

ويختلف حضور هذه التوازنات في القصيدة "حوار بين الصوت والدلالة: بين الانسجام الصوتي ولاختلاف الدلالي من جهة، وبين التمفصل الدلالي والتقطيع النظمي من جهة ثانية"[7]، لأن مرجع جميع هذه التوازنات، مهما اختلفت وتعددت تسمياتها وتفريعاتها هو: الانسحام والتناسب في الصياغة اللذين هما من أخص خصائص البلاغة الشعرية[8]

وقد لاحظنا عند قراءتنا للرثاء في ديوان ابن الطلبه أنه يوظف في معظم هذه القصائد نفس المعاني المديحية المتداولة في الدائرة الدلالية لهذا الغرض كبأبين الفقيد بالشجاعة والسماحة والكرم والحلم والعقل الخ...؛ هذا في حين نبع تميز الخطاب وتمايزه من أساليب الاختيار والعدول والمجاورة التي مارسها الشاعر على معجمه.

من هنا رأينا أن نقسم هذا الرثاء دلاليا إلى ثلاثة مستويات لكل واحد بقصيدة "نموذج" ويشمل النموذجان الأول والثاني معظم دلالات هذه المدونة الرثائية باستثناء "النونية" التي تمثل نموذجا متميز من حيث الأسلوب والدلالات وكذا الدافع وهذه المستويات الثلاثة هي على الترتيب "الرثاء الندبي- الرثاء العزائي التأبيني

-         الرثاء الصوفي

 

  وننبه هنا إلى أننا سنتناول الدلالة في هذه الأقسام الثلاثة بنوع من الإجمال لأن مساحة البحث وزمنه لايسمحان بتوضيح كل مظاهر التواشج والتعالق الكائنة بين البنى الصوتية والدلالية في نموذج واحد، هذا في حين أننا نود إلقاء نظرة ولو سريعة هذه المرة على أنماط الرثاء ودلالاته لدى هذا الشاعر.

1-    الرثاء الندبي  : الندب بكاء ذوي الأرحام بتعديد مناقبهم وإظهار الحسرة وعظم المصيبة لفقدانهم، كل ذلك بواسطة "الألفاظ" التي هي الوسيلة لتصوير الفقيد الغاية في كل منقبة.

ويمثل هذا النوع في نظرنا العينية التي حبرها في رثاء خاله[9]

وهي تتميز بالتكامل بين وحداتها، والتلاحق في صورها، حتى إنها لتغدو جملة واحدة تقطر دمعا سخينا على هذا الطود الذي حاز المناقب التي حرص الشاعر على رسمها والإلحاح عليها عبر الأنماط التوازنية المختلفة، فجاءت القصيدة متفردة عن نظيراتها في الديوان أسلوبا وصورة، تلك الصورة التي يبدو أنها كانت حاضرة جاهزة في "لاوعي الشاعر" فتلقفها منه بقوة" لا وعي النص" فغدت القصيدة صرخة بدأت ولم تنته واختار لها رويا طابق دلاليا بين مفارقة الكسر والجهر: للتعبير عن بلاغة الانكسار والتصدع في الكيان، وتبليغ الصوت والصورة إلى الغاية ، ويؤكد ذلك ورود الردف في كامل القصيدة ممدودا مفتوحا مدويا، ومما عمق هذه الدلالة الصوتية تكرر حرف الروي أكثر من سبع وسبعين مرة وتواتر حروف الشدة في القصيدة بصفة ملحوظة كالدال والتاء والجيم هذا فضلا عن شيوع حروف الغنة كالميم والنون التي تكررت أكثر من خمس وخمسين مرة والتي توحي دلاليا بالبكاء الداخلي والأنين، ولذا يمكننا القول إن القصيدة هي بمعنى من المعاني عين باكية على عين منكسرة.

ولا يكاد يخلو بيت في هذه القصيدة من تضافر دلالتي الصوت والمعنى عن طريق أحد أوجه التوازن بهدف إبراز عمق الندب ومكانة المرثى في قرارة نفس الشاعر المكلم.

ولعل من أبرز هذه الأوجه كثرة التردد والتكرار في الصدور على مستوى الكلم وعلى مستوى الجمل الشطرية، ربما لأن المصدور لابد أن ينفث.

فتكررت مادة "النعي" باشتقاقاتها إحدى عشرة مرة – نعيت ، الناعي ، النعي ، ناع، تنعاه، نعيت، نعيت، نعيت، نعيت، نعيت، النعي، نعيت- لا يخفى ماللحرفين الجوهريين "ن ، ع" في المادة" ن.ع.ي." من دلالة رثائية كما قلنا، هذا إضافة إلى ما تجسده هذه الكلمات من قيم تجنيسية وترصيعية فيما بينها من جهة ثانية، وكذلك فيما بينها من جهة ومع كلمات أخر من جهة أخرى مؤسسة على الحرفين الجوهريين السابقين: مناع، تعنه يعني ، من جهة ثانية، وذلك لتأكيد حضور صوت النعي وأصداءه المتحابة في القصيدة .

أما تردد الجمل الشطرية[10] فنجده في الأبيات 23- 24- 25 على صيغة الحيرة وعدم التصديق – لو كان ويلك حقا ما تقول لما- ، وهي حيرة بدأت بها القصيدة في صيغة تساؤل حزين عن حقيقة النعي .

هذا التردد على مستوى الكلمات والأشطر قد تم شفعه بترددات أخرى على مستوى الاشتقاق، تخللت القصيدة وضاعفت فيها التأكيد على قيمة الفقيد وصورته أولا وحالة الشاعر ثانيا، حيث لايكاد يخلو بيت من بعض هذه المشتقات : مجمع جماع، تعنيه يعني ، أمورهم ، أمر، امرئ، الأمين، أمين، بلوم، اللوم، عيني، العين، تكن، كنت، صما، صم، سمعت، سماعي، دعاء، الداعي، الجلى، الجليل، مقاحيم، تقحم، يسعى، مساعيه، تسعى، جحجاح، الجحاجح، مرجاحئن المراجح، فجع، تفجاع، شتى، شتوة أوجاع إيجاع هذا فضلا عن تكرار كلمات بعنها تكرار بليغ الدلالة كتردد كلمة {ماجد} ثلاثا وفعل الأمر الطلبي الموجه إلى العين {جودي} ثلاثا أيضا. وقد منح هذا العجم الاشتقاقي الترددي القصيدة إيقاعا مميزا جذابا وترجيعا مأتميا حزينا يظرا إلى ما يوفره من تجنيس لفظي وسجعي من جهة، وترصيع صرفي وتقطيعي وسجعي.

من جهة ثانية، تعاضدت جميعها مع ما زخرت به القصيدة من آليات التناسب[11]المعنوي سواء أكان ذلك عن طريق تقارب الألفاظ من حيث الحقل الدلالي {الأواء، جعجاع، ذعرت، مفظاع، تهمام، أوجاع، شاحبا، ضمنا، مكتئبا، مجزاع، هم، إيجاع، حزن،تفجاع...} أو كان عبر تباينها عبر الطباق {قام، استوت، رعي، أضاع، خان، الأمين، العف، أناة، سورة، حلم، جهل، هاب، تقحم، ثأى، رقع،.

...} هذا فضلا عن مظاهر المقابلة.

وقد لعبت صيغ المبالغة والتضعيف والتفضيل دورا بالغ الأهمية في تأكيد مناقب المرثي وعلى مصاب الشاعر وجماعتة: فصيغ المبالغة {مضياع، ممراع، مناع، أمين، مجزاع،سخين، رقاع، ...}من جهة، والتضعيف في ألفاظ القصيدة عموما والأفعال خصوصا. {بكيه، زن، هبت، تأوبني، تمخخ، صم، تقحم، شد،} من جهة ثانية، وصيغ التفضيل التي اختصت بها هذه القصيدة من بين المراثي الأخر {الأنجح، الأسد، الأخير، الأظفر، الأروع، الأورع...}وما فيها من تجنيس ترصيعي من جهة ثالثة، وحسن التقسيم والتقطيع اللذين منحتهما هذه الأركان الثلاثة كما الأبيات:2-3-4-11-12-22-28 مثلا، من جهة رابعة، كل ذلك قد منح القصيدة قوتين إحداهما بلاغية تعبيرية تجسدت من خلال الملاءمة بين مطالب الدلالة وخصائص الصوت في إلحاحهما على وقع المصيبة وفرادة القيد؛ والثانية بنيويه تمثلت في ما اتسمت به القصيدة من تماسك وتلاحق منحاها بنيه "كلمية"[12] ذات نفس واحد، بدأ بصرخة زفيرية استمرت متصاعدة لتتضاعف في البيت الثالث قبل الأخير[13]بمطلع تصريعي أبلغ مقعا مما كان ابتدأ به، وذلك من حيث ما وجه إلى العين من أمر وطلب ولوم حتى يكون سحها بالدمع مضارعا لما يمور به مقام التلفظ.

ومثلما اختصت هذه القصيدة بأفال التفضيل تميزت أيضا عن غيرها من المراثي بخلها الظاهري من الدعاء بالسقيا لمرقد الفقيد، واستعيض عن ذلك بإلحاح على العين كي تجود بغزارة لتروي فؤاد الشاعر، لأنه الضريح الذي ثوى فيه الفقيد، ولتطفئ حرقة النفس التي عمرت ظلالها القصيدة من خلال الحضور البين لأصوات الحلق {ح} والصفير {س،ص} هذا في حين جاء البيت الأخير[14] تأكيدا لبداية ذلك النفس التعبيري الجديد، فهو لا يشعر بالنهاية بل بحدة الخطب وذيوع آثاره الي عمت الجميع؛ وقد ساعد على تكثيف هذه الدلالة تردد حرفي: التاء الدال على الشدة، والشين الدال على التفشي والشيوع والاستمرار.

وفي النص إشارات دلالية أخرى ندرك بعضها مما يضيق عنه المقام ويغيب عنا منها الكير.

2-2 الرثاء الغزائي التأبيني:

يعد التأبين هو الآخر بكاء على الميت وذكر لمناقبه ولئن كان الندب أخص بذوي الأرحام الأدنين فإن العزاء يتميز بنبرته التأملية التصبيرية التي يسعى من خلالها إلى مواساة الأنفس في المصاب بتصوير الموت قدرا محتوما كل نفس ذائقته.  ونمثل لهذا اللون الرثائي باللامية الرملية التي صاغها في بكاء ابن عمه وابن عمته فتى الخمس بن أياهي. ولئن كانت العينية ندبا صفا فإن هذه الرملية زوجت بين التأبين والعزاء الذي افتتحت به القصيدة في صيغة إذعان وتسليم إيمانيين بحتمية الموت، وتم شفع أسلوب التعميم المتكرر مرتين – كل عيش، كل شيء – بتساؤل ترددت في عبارة {أمن الدهر تشكى} ثلاثا وليس الهدف هنا الاستفهام وإنما إثبات قوة الدهر الداحرة لكل شيء، مما كثف هذه الدلالة تضعيف فعل الشكوى إمعانا في المبالغة من جهة والتوظيف البين للنص القرآني،[15]الذي تتخلل آياته وأسلوبه القصيدة من جهة ثانية.

من هنا جاءت الأبيات الستة الأولى من النص براعة استهلال لهذا الأسلوب العزائي الحكمي ذي الطابع الإنشائي التقريري، وتكرر نفس الأسلوب قبل النهاية في خطاب موجه إلى النفس كي تتحلى بالصبر[16] في الأبيات: 29-30-35- 36 الذي تكرر ذكره في الأربعة أربعا. وإذا كانت العينية قد تميزت ببنيتها الترصيعية والتجنيسية بأقسامهما الخمسة فإن هذه القصيدة تميزت بأسلوبها الترددي الطباقي المقابل.

هذا التردد نجده على مستور الأحرف والكلمات والجمل: فقد طغت على تكرار أصوات {ج.م.ن} واللام التي ورت أكثر من مائة مرة هذا فضلا عن تكرار أصوات الشدة في أبيات بعينها كالدال والتاء.

أما تكرر الجمل بألفاظها من جهة ومعانيها من جهة أخرى فقد حضر بكثافة في القسم العزائي من النص، حين كان الشاعر يخاطب إنشائيا نفسه الجريحة محاولا إقناعها بحتمية الموت والزوال، لأنهما لدى الإنسان يقين مضارع للكذب؛ فالكائن البشري مقتنع بالفناء لكنه لا يتصرف في ضوء هذه القناعة.

ولذا عمل التردد الصوتي والجملي – لفظا ومعنى – في الأبيات:1-2-3-4-5-6-30- 35-36 على دعم حضور تلك الحقائق لأنها المواسية للنفس في محنتها.

ونشير هنا إلى أن عقيدة الشاعر وإيمانه كانا حاضرين في تصوره لفعل الدهر والموت، إذ لم يتحامل عليهما، كما يفعل الكثيرون في اللحظات المأتمية، ولكنه ذكر بصنيعهما الذي لا منجاة منه، داعيا إلى التجمل بحسنات الصبر.

هذا في حين كان تكرار الكلمات، بلفظها ومعناها الغالب على القسم التأبيني من النص، فتعاضد مع قيمتي الطباق والمقابلة لإبراز خصال المرثي وفداحة الخطب بعده .

فقد ترددت كلمة "الدهر" بلفظها ثلاثا، وعاد إليها الضمير مرات أخر، وتكرر فعل "الهد" بلفظه وصوته الشديد المضعف {هد} ثلاثا، وإلى جانبهما كان صوت "الأجل" حاضرا بلفظه وصداه اللذين توحي بهما الكلمات المؤسسة على حرفيه الجهوريين {ج، ل}: {الأجل، وجل، جلل، أجل ، الجلل، الأجل} ومما قوى رجع هذا الصدى توتر صوتي الجيم واللام في كلمات أخرى عديدة.

وقد كان اختيار الشاعر لهذه القافية المقيدة بليغا:

أولا: من حيث تكريس صدى "الأجل" المسكن في كلتا اللامين: لام الأجل ولام الروي وذلك عن طريق الترصيع { //0} الذي نوع حضور هذا القدر المحتوم وعمق معاني العزاء والتأبين.

وثانيا: من حيث الجمع بين سمتي الحركة والسكون في آن: الحركة الرملية الحثيثة التي يبثها في القصيدة بحرها، والمضارعة لتأجج كيان الشاعر وغليانه. والسكون الذي تشيعه في النص حركة الروي، وما يحيل إليه من دلالات القبض والتقلييد والانتهاء والتأكيد والجزم بحقيقة ما حدث وحتميته. وانضاف إلى تردد الكلمات المحورية الثلاث في القصيدة – هد- الدهر، الأجل – تكرار كلمة "اليوم" مجموعة مفردة لتكتمل بها أضلاع هذا المربع المعجمي الذي نسجت من حوله معاني العزاء. وليس الإلحاح على ترديد مادة "اليوم" تسع مرات في النص سوى محاولة الإبراز الفرق بين اليوم الذي "أرمل" فيه الشاعر بعد فقد خليله ورحمه، وأيام اللقاء والخلة والسرور التي جمعتهما، والتي ظل حضورها في الخيال والقريحة حائلا دون وصل العزاء مداه.

وقد جسد النص لحظات هذا التأرجح القلق الباكي خاصة عندما يتكرر اللفظ في البيت الواحد أربع مرات[17] بصيغة الإفراد الدال على الجمع، إذ الأيام مع الفقيد كثيرة لكن أيا منها فريد في متعته وبهائه.وتخلل تردد "اليوم" في القصيدة صورة تشبيهية تمثيلية صاغها الشاعر في أربعة أبيات – 25،26 27،28- إمعانا منه في تصوير مرارة[18] اللوعة التي ألمت به يوم فارقه الفقيد.

واستعار الشاعر سجلا بدويا لتمثل لوعته وحنينه وعبثيته التصبر المستشعر والترقب المؤمل،

فما الحنين الموجع للظؤار التي لا ترجو عودة فصيلها بأشد مما يكابده الشاعر، الذي حرص على أن يكون سجله التمثيلي عنصرا حي من عناصر أفق انتظار سامعيه.

وقد تعاضدت مع دلالات التردد ما أضافته معني الطباق والمقابلة من تكثيف للصور المدحية ، لأنهما من أبرز عنصر التناسب المعنوي كما أشرنا.

وكما يأتي الطباق في الكلمة الواحدة – الجلل ، الجلل- وبين الكلمتين – أحلى، أخنى، عز، المستذل الدفء ، المتستظل، العدا ، الخيل صاب ، عسل، فاتق، يرتق، اليأس، الأمل ، ينبري، أفل، جزعنا، صبرنا....- فكذلك المقابلة مع ماتحمله من وحدات الطباق وقيمه تأتي هي الأخرى بين بيتين {كما بين 7-8}[19]وبين شطرين خاصة مانجده مثلا في الأبيات {13-14-15-16}[20] الأمر الذي عمل على تأكيد قيم المج وحفر صورة الفقيد الممدوح في النص إذ بضدها تتميز الأشياء.

ومما يدعم أيضا اتساق هذه الصورة وتوازنها الصوتي والدلالي تردد الاشتقاق إما على سبيل التجنيس وإما على سبيل التكرار والتأكيد – المستذل ، الأذل ، يستذل ، صل أصلال ، النادي ،النادي النفس، نفس، موت، الموت، النجم، نجم، ...إلى آخر ذلك من الأمثلة التي أشرنا إليها ذكرا وإحالة.

وقبل أن يختم الشاعر تأبينه لا يفوته أن يعزي نفسه وقومه بعزاء آخر، لكنه هذه المرة خبري إنشائي كالسابق، إذ لعل في تضافر أسلوبهما إقناعا أبلغ للنفس بضرورة الإذعان للحدث.

فهو يبشر[21] نفسه وقومه بأن الراحل وإن ترك فراغا ماديا وآخر مجردا إلى أن كوكبي المجد اللذين  أعقبهما كفيلان بتعمير الفراغ تخفيف وقع المصيبة ومواصلة العطاء.

وقد بالغ الشاعر في طلب السقيا للمرثي، موظفا هنا فعل "هد" الذي أشربه السياق هنا دلالات الإيجاب والرحمة والبناء، وذلك على خلاف الدلالات التي أوحىبها في بداية القصيدة عندما أسند إلى فعل الدهر " الهاذم للذات".

وفي نثاية ثذث النظرة الخاطفة على هذا النص نقول إن الشاعر قد أبى إلا أن يدفن فقيده في قصيدته "الرمليه" هذه، لتظل رياح العطور تحركها وتقلبها بين مجالس القراء والنقاد، وبذلك يكون قد منحة حياة أبدية، كالنص، فينا ومعنا وبنا.

ولا يقوتنا هنا أن نشير إلى أن العرب القدماء من مبدعين ونقاد قد أحسوا بما للفن عموما والشعر خصوصا من دور في مقاومة عوامل الفناء والنسيان بعد الممات، لتخليده اللحظة والصورة والحدث، ولذلك سموا عيون أشعارهم بالشوارد والأوابد: لأنها تفدي نفسها من عوامل الفناء فتفلت بذلك منه لتأبد الدهر في الأذهان والقىائح فتصير رؤية يقدية ومادة أولية للإبداع اللاحق فتحيا من جديد في نصوص أخرى وهذا ما يمكن تسميته "تناسل النصوص".

3} الرثاء الصوفي: التصوف تجربة روحية أساسها مجاهدة النفس ثم تحليتها بفضائل العبادات خاصة منها الباطنية التي منبعها وأداتها معا: "القلب".

ولذلك سمي المتصوفة أنفسهم أحيانا" أهل الباطن " لتنميتهم لأعمال النيات والقلوب.

وقد انقسم علماء الأمة حول سلوكهم القولي والفعلي، فتحامل عليهم ابن الجوزي مثلا والتمس الغزالي لهم العذر.

والذي لا خلاف عليه بين علماء الأمة أن التصوف السني السليم المضبوط بالقرآن والسنة [22] الخالي من خصلتي الإفراط أو التفريط.

وقد لفت الأدب الصوفي انتباه معظم الدارسين، خاصة المستشرقين، الذين رأوه تعبيرا بالغ الصدق والعمق عن الحياة الروحية للإسلام من جهة، وعن الأحوال والواجد التي يعانيها أولئك الأدباء لحظات حضورهم وغيبتهم وتأملاتهم الدلائل القدرة وبحثهم في عناصر المعرفة اللدنية من جهة أخرى.

ومن العوامل الفنية التي لفتت الأنظار إلى أدبهم كونه من بواكير الخطابات في الثقافة العربية الاسلامية التي توظف الرموز توظيفا بالغ التماسك والكثافة، لاسيما رموز: المرأة، الخمرة، الطبيعة، الأعداد، وذلك للتعبير عما يعانون من حب إلهي.

لذا فإن التعامل مع لغتهم الفنية – الشعرية خاصة – ينبغي أن يتسلح فيه بالتأويل والتأمل لما يثوي في طبقات التلفظ من سجلات وأبعاد دلالية متنوعة المشارب.

فإن دلالات الرمز تنبع من غموضه وشموله وطاقاته التأويلية اللانهائية، لذا" تظل فيه بقية سر تند عن إدراكنا العقلي[23]

والمتأمل لديوان ابن الطلبه لا يعدم بعض ظلال الرمزية الصوفية وتحديدا رمزي المرأة و الطبيعة هذا فضلا عن النفس الصوفي الذي غلف قصيدتية – المديحية – والمرثية – اللتين صاغهما في خليله وفقيده الشريف الصعيدي[24]

وتمثل المرثية النونية نموذجا رثائيا متميزا عن سابقيه، أطلقنا عليه "الرثاء الصوفي لاختلاف معجمه ومعانيه الرثائية المدحية ، فلئن رثى السابقون بالقيم الخالدة ، المتداولة منذ الجاهلية إلى اليوم كالكرم والشجاعة والسماحة والتقى إلخ، .." فإن الشاعر هنا وظف في بكاء فقيده سجلا مفاهيميا صوفيا، صرفا.

ون ثم جاءت المعاني الرثائية/ المدحية مختلفة تماما عن نظيراتها السابقة من حيث الصيغة والعلائق التي نسجت بينها.

وتميزت البنية الصوفية للنص بأنها ترصيعية تجنيسية حضرت فيها بقوة ظلال التضمين الاقتضائي[25]

الداخلي {على مستوى البيت } ، مما منح القصيدة تكاملا واتساقا معنويين .

وقد دفع مقام اللوعة الشاعر إلى تبني موسيقى خارجية جسدت بقوة حدة الألم والحزن اللذين تملكا الشاعر، وهو الشعور الذي أقسم في نهاية المرثية على أنه سيظل متأججا بفعل ذكرى الفقيد التي لن تنمحي من الذاكرة أو الفؤاد، فجاء بحر البسيط ليستوعب بطول تفعلاته تفاعلات مشاعر المبدع وتأوهاته التي بالغ في مدها والصدح بها عبر روي أنيني مجهور مفتوح ممدود ما قبله وما بعده، تضاعفت دلالاته الصوتية بهيمنة التنوين من حوله.ومن قراءة البيت الأول يتجلى بميز صورة المرثي "واختلافه عن الأشخاص العادين" كما يمكن من خلاله أيضا تلمس ترجمة مختصرة له. فلئن ابتدأ للنص بطلب السقيا إلى أن صورة الفقيد قد امتزجت بدلالة الغيث وفعله.

ولذا فإنني عندما أقرأ النداء المطلعي لاسم الفاعل "البارق" لا أحس إلا أن الشاعر يستدعي هذا الشريف العارف الذي كان في الحقيقة "بارقا" من حيث جودة العطاء أولا، وقصر المدة التي مكثها بين ظهراني تلامذته ومريديه ثانيا، والتي عبر عنها ما يمكن أن يوحي به النداء من دلالات المفاجأة والاستغراب:

يا بارقا بات يحدو دلحا جونا

سود الوائب أبكارا سمت عونا[26]

 

 فهو يذكر – مترجما – هذا "البارق" الذي قدم البلاد يسوق معه هذا الحبي المترع خيرا. وتعميقا لدلالة عطاء المرثي وتميزه نعتت سحائبه بما يوهم التضاد تكثيفا للمعنى: فهي جون: سوداء من الاكتناز والوفرة، بيضاء من سماحة العواقب، أبكار سامية من حيث الأسبقية في النظير، عون من حيث ما تحمله من البركة والعطاء.

ومما يدعم التماهي بين المرثي والبرق، الإلحاح على إبراز العديد من سماته ومرادفاته بالتأكيد من خلال العدول إلى أفعال مضعفة توحي كلها بقوة الأثر والصنع  - هد، يثج، بعج، ولعب التردد الصوتي في {الهاء والدال} المشتركتين بين الفعل الأول الموظف مجازا والاسم – هيدب – المطلق على السحاب القريب من الأرض قرب جود المرثي، وكذلك المفعول المطلق من الثاني – ثجيجا -، ومثلهما التجانس والترصيع الوزني التقطيعي بين الفعلين الأخيرين، لعب كل ذلك دورا إضافة إلى ثنائية الحضور والتداخل صيع الوزني التقطيعي بين الفعلين الأخيرين، لعب كل ذلك دورا إضافة إلى ثنائية الحضور والتداخل إنه يطلب من هذا الحبي الذي حبيت به البلاد أن يسقي عموما المرج الدي أنبتته تعاليم الشيخ، وتخصيصا المرج الذي دفن فيه نبع المجد الذي لا ينقطع وذلك ضمانا لاستمرار مفعوله الذي عبر عنه باسم المفعول المنفي – ليس ممنونا – للدلالة على عدم الانقطاع من جهة وعدم المنة[27] من جهة أخرى، وكذلك قافية النص التي ورد معظمها على وزن اسم المفعول.

وقد حرص الشاعر بمختلف الوسائل النصية على إبراز فكرة استمرار مفعول اسم الفاعل الذي كان ابتدأ به، وهو ما يعضد أيضا ثنائية الحضور والتداخل بين صورتي الشيخ المرثي واسم الفاعل.

فكرة الاستمرار والتواصل هذه تتعدد السمات الموحية بها، فالشيخ مدفون في برزخ الطرق الثلاث – لطيون -، وليس اخضرار الجذع الثاوي جنبه سوى إشارة إلى الأصالة ودفق العطاء وتجدده عندما تتعاوره- الجذع – الشآبيب الحمة فيظل وما ضمه مرجة مخضرين مزهرين بالعلم والبركة اللذين غرسهما فيمن كانوا حوله.

تتجلى هذه الفكرة أيضا في توظيف عبارات دالة على التواصل – العد- و- ممنونا- التي وردت مرتين خبرا لليس موحية بعدم الانقطاع وعدم المنة معا، وورودها في البيتين {2 و 11 } [28] له عديد الدلالات سواء على مستوى رموز العدد أو رمز "البارق" الذي تتداخل وتتماهى نعوته وفعله مع بعض سمات الشيخ ومفعوله، فالحبي غير الممنون الذي قدم يزجيه هذا البارق إلى هذه البلاد – البيت2- ليس سوى موجة من الكرامات التي ورها هذا الولي العارف من النبي صلى الله عليه وسلم {منا ليس ممنونا} – البيت 11- على سبيلي الحقيقة والمجاز : للقرابة من النبي صلى الله عليه وسلم في الأولى، ولأن العلماء، كما في الحديث، ورثة الأنبياء في الثانية.

وتتعضد هذه الفكرة بما طمأن به الشاعر السامع المتلقي عند وصفه الشريف بكون هذا السحاب البارق –رغم ما ألحق به من أفعال وسمات التدليح، الهد، الثج، التعرج، التبعيج، عجم الاتئاد، - برا مبرا على الأبرار ميمونا {بيت 7 } وغيثا مغيثا أسين الغيث مأمونا {بيت 9}: أي أنه سمح مأمون العواقب، ولعب –كما هو واضح – الجناس والاشتقاق في الشطرين دورا دلاليا تكثيفيا بينا.

ويواصل الشاعر دعم فكرة الاستمرار بتصويره هذا الولي العارف قطبا جعله الإله غيثا للورى، تدور به رحى الكون حاضرا مستقبلا، وبأنه وكراماته سران مكنونان من أسرار الحقيقة لا ينصب معينها – البيتين 12و14. ويدخل في هذا الإطار أيضا بناء الفعل للمجهول – قيل أصبح تحت الترب- لتعميق الشك في الانقطاع المطلق للشيخ.

"فآثار" المرثي لن تنقطع، وهو إن غاب عن بصر الشاعر يظل خالدا في بصيرته خلود يوسف في فؤاد والده الذي ما فتئ على يقينه رغم تشكيك المدعين.

وجسد التناص مع سورة يوسف في الآية تالله المذكورة[29]هذه الصورة في البيت الأخير:

تفتأ ذكراه تؤرقني

وجدا عليه فما أنفك محزونا

 

وقد جاء البيتان الأخيران مجسدين للوعة الشاعر وحزنه من خلال توظيف تسع كلما مضعفة تخللها قسم، وتردد صوتين شديدين مجهورين – د،ت- اثنتي عشرة مرة، ستا لكل منهما.

ويعود جزء كبير من  فكرة التواصل التي حرص النص على إبرازها إلى الصورة البي رسمها الشاعر لخليله وحبه، والتي وظف فيها معجما صوفيا متخصصا تكرر ترديد مفاهيمه بحر، بر، قطب، وتد، الكرامات، رحيا الكونين، سر الحقيقة، أصدف سر الكون، غوث. وقد حرص المبدع على إبراز حضور مختلف دلالات مادة هذه الكلمة الأخيرة {غ ي ث} التي ترددت في النص تسع مرات، ثلاث منها في البيت التاسع[30]  الذي مثل واسطة القصيدة، وقد تكون في هذا أيضا دلالة عددية تنضاف إلى السابقة.

إذ هو غيث وغوث وفياث جدعت بموته المكارم، ورث من أسرار الحقيقة والشريعة ما عمل به وعمله لمن آنس فيهم الرعاية لحقوق الله.

فكرة التواصل والاستمرار يعضدها كذلك التوتر البين للأفعال الناسخة، إذ ترددت كان وأخواتها في فضاء النص إحدى عشرة مرة بدلالاتها المعدودة التي تبرز الحال، لا نفيها، والانتقال من الاسمية إلى الفعلية بما فيها من إحداث وتفعيل.

ولا غرو أن يقسم بالله في آخر فعل في القصيدة مستخدما المضارع الناسخ: ما انفك لما يحمله ذلك القسم وهذا الفعل من دلالات الإصرار على العهد الذي هو في الحقيقة رباط وثيق بين الشيخ ومريديه، يعد الانفكاك منه خيانة وتنكرا.

وتبلغ هذه الفكرة – التوصل والاستمرار – ذروتها في البيت الثالث عشر عندما يؤكد الشاعر رأيه في هذا الولي قائلا:

له التصرف من بعد الممات كما

كان التصرف في المحيا له دينا[31]

في هذا البيت إشارات عدة منها أن عمل العباد الصالحين يتواصل بعد موتهم بما تركوا خلفهم من ذرية صالحة وعلم مبثوث في الصدور وصدقات جارية بعدهم.

كما أن في إشارة إلى الحديث القدسي الوارد في صحيح البخاري {...ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...إلخ}مثلما أن في إلماعا إلى ما أثر من أن {كرامة العبد الصالح على ربه لا ينقصها موته}[32] وقد أشار محقق الديوان عند حديثه عن البيت 14 من النص 73 {بحر المعادن من سر الحقيقة..} إلى أن الكثافة الرمزية في هذا البيت هي في نظره غير خاضعة الأي تحليل أدبي أو شرح علمي وإنما مرجعها الذوق الصوفي والخيال الشعري، مؤكدا في الآن نفسه أن الشاعر من بيت فقه عريق وعقيدة راسخة، ولكن لكل مقام مقال.

وفي النص مظاهر بلاغية نحوية كثيرة كثفت الصورة لم نجد الوقت والمساحة لعرضها، مثلما أن في جوانب صوفية قد تبعدنا الذاتية في تناولها عن الموضوعية النسبية بطبيعتها في العلوم الإنسانية على العموم.وفي الختام هذه الجولة السريعة حول بعض دلالات الرثاء في شعر ابن الطلبة نقول إنه قد وفق كثيرا في المناسبة والموازنة بين ألفاظه ومعانيه من جهة وقوالبها العروضية من جهة أخرى.

ولئن رأى معظم النقاد أن العناية الفائقة لأي شاعر بقوافيه قد تضعف بناءة الشعري إذا لم يكن متمكنا، فإن العناية البينة لابن الطلبة بقوافيه في الديوان عموما زادت من شعرية خطابه فغدت بنيات أضربه دالة صوتيا وتقطيعيا.

كما جاءت صور الترصيع والتجنيس والاشتقاق والتردد والتضمين والتناسب والتقسيم – وغيرها من الصور البلاغية – داعمة للجزالة والاتساق ولكلتا الموسيقتين الداخلية والخارجية اللتين تميز الديوان عموما بالحرص على إبرازهما لأنهما حلة المعنى والدلالة وأساس الإمتاع في الشعر العربي الذي أسس على تقاليد شفوية[33] ما تزال جذورها إلى اليوم في تفكيرنا وإبداعنا رغم انخراطنا في عصور الكتابة منذ زمن.

فالشعر إذن صوت مسموع: جرس، موسيقى.  وهذا الجانب فيه مقدم عند معظم النقاد على الجانب "المعقول"[34] لكن من غير أن يكون الغاية على حساب الأخر، فمدار الأمر وغايته الصناعة تكاملها ودلالة كل منها على الآخر.

 

قائمة المراجع

أونج، {والتر}، الشفاهية والكتابة، ترجمة: حسن البنا عز الدين، سلسلة عالم المعرفة – الكويت – عدد182

 ابن جعفر، {قدامة} نقد الشعر، تحقيق: كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1.{د.ت}

ابن رشيق الحسن، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد، ط4، 1972.

ابن طباطبا {العلوي}، عيار الشعر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1982.

الجوهري، الصحاح، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، {د.ت}

عز الدين، {حسن البنا} الكلمات والأشياء؟

العمري {محمد}، "أدبية النص في البلاغة العربية في ضوء المشروع والمنجز من كتاب سر الفصاحة" مجلة دراسات أدبية، عدد 4، المغرب، 1986.

المقام الخطابي والمقام الشعري في الدرس البلاغي، نظرية الأدب في القرن العشرين، دار افريقيا الشرق، الرباط، ط1 1996.

الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية، دار الأندلس، لبنان، {د.ت}

يصر، {عاصف جود}، الرمز الشعري عند الصوفية، دار الأندلس، بيروت، ط1، 1996.

اليعقوبي {محمد مولود بن أحمد فال} مطهرة القلوب من قترة العيوب، مراجعة وتحقيق:العلامة محمد عثمان بن محيي الدين بن ابوه. دار الرضوان للنشر، انواكشوط،1996.

اليعقوبي {محمد ابن الطلبة } ديوانه، شرح وتحقيق: محمد عبد الله بن الشبيه بن ابوه، مراجعة الشيخ محمد سالم بن عدود، تقديم محمد بباه بن محمد ناصر، نشر دار الرضوان لصاحبها أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه، نواكشوط، ط1،1999

اليوسف {يوسف} مقالات في الشعر الجاهلي، دار الحقائق، الجزائر، ط3، 1983.


 

[1]   مصطفى ناصف: نظرية المعنى في النقد العربي، دار الأندلس، بيروت، {د.ت}ص.105.

[2]  يوسف اليوسف: مقالات في الشعر الجاهلي، دار الحقائق، الجزائر، ط، 3، 1983ص 5،6.

[3]   الحسن ابن رشيق، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط4، 1972، ج2، ص147.

[4]   المرجع نفسه والصفحة

[5]   قدامة بن جعفر، نقد الشعر، تحقيق: كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، ص:98

[6]  راجع للمزيد محمد العمري،: الموازنات الصوتية في الرؤية البلاغية، دار إفريقيا الشرق، المغرب، ط1، 2001ص21

[7]   المرجع السابق

[8]  إن المتأمل للبلاغة الغربية يلاحظ فيها وجود بلاغتين متمايزتين أحداهما  بلاغة خطابية نثرية أساسها البيان والمعاني ومراعاة المقام وأحوال المخاطبين وما يتطلبه ذلك من جهود حجاجية والثانية شعرية عمادها البديع وهدفها الإمتاع. وبين البلاغتين تداخل واقتراض، وقد أشار إلى ذلك ملخصو الخطابة ومعهم حازم القرطاجني في منهاجه.

راجع محمد العمري؛ المقام الخطابي والمقام الشعري في الدرس البلاغي، ضمن كتاب: نظرية الأدب في القرن 20، دار افريقيا الشرق، المغرب ط1- 1966، ص. 136،122.

[9]   خاله محمد الأمين بن أحمد الخرشي، وقد كانت له به علاقة حميمة، فالشاعر كما نعلم فقد أبويث وهو لما يكمل سنته الأولى، وهذه القصيدة في بحر البسيط وتقع في ثمانية وعشرين بيتا أولها:

الطود ويحك طود المجد والباع            والعلم والحلم تنعى أيها الناعي

الديوان، النص 42، البيت 1، ص 271.

[10]  بعد تكرار أشطر بعينها سمة مميزة من سمات الرثاء في الشعر العربي القديم، ويختلف استعمال الشعراء له، فمنهم من يعمد إليه لأجل ترديد الحزن وتعميق حدة الفاجعة في الأنفس، ومثال ذلك ما نجده في شعر الخنساء ومتمم بن نويرة، ومنهم من يلجأ إليه كسبيل حماسة لندب الميت وتحفيز الهمم للثأر له على غرار ما كان يفعل المهلهل وهو كثير في شعره، ومنه قصيدته التي تكاد تقوم صدورها كلها على تردد :{على أن ليس عدلا من كليب}

[11]  راجع التناسب لدى ابن سنان الخفاجي في سر الفصاحة، وإشارته إلى دور التناسب مع إكساب السامع سمتي الأنس والألفة في :أدبية النص في البلاغة العربية في ضوء المشروع والمنجز من كتاب: سر الفصاحة، محمد العمري مجلة دراسات أدبية – المغرب- عدد4- 1986.

[12]   القصيدة المتماسكة تسمى عند النقاد {كلمة} وقد قصدنا إلى هذا الاشتقاق نزرا إلى ما يحيل إليه حقله الدلالي من معاني الجرح والألم اللذين يلفان القصيدة.

[13]   عندما قال: يا عين جودي بتهمام وإيجاع       كفاك ما بك من حزن وتفجاع

[14] غيث شتى إذا ما شتوة أزمت    شهباء للجفنة الغراء دعداع

[15]  يحضر الأسلوب القرآني نص وإلماعا في هذه القصيدة بكثافة، كتوظيف قوله تعالى {كل نفس ذائقة الموت- كل من عليها فان – كف شيء هالك إلا وجهه – فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ...} هذا فضلا عن الإحالة إلى سياقات ألفاظ وآيات قرآنية أخر كثيرة.

[16]  كقوله:    نفس صبر إن في الله لنا      خلافا فالموت ما عنه حول

              إن في الصبر عزاء للأسى      لم يزل ينسى أساه من عقل .

[17] مثال ذلك ما نجده في البيت الثالث والعشرين من القصيدة:

أي يوم أي يوم يومه    يوم ضاقت بي رحيبات السبل

[18]   حاونا يثر البيت المقصود وهو الثامن والعشرون في النص:

بأمر اليوم مني لوعة       يوم فارقت بحمد لم ينل

[19]   فلئن أحلى لنفسي مرة      بابن أياه بعيش لا يمل

[20]   راجع الأبيات في الديوان { النص 58} : ومنها قوله:

وإذا لاينته لان وإن    أنت خاشنت فضرغام أزل

[21]   لم تكن مراثي العرب تتضمن التهنئة والتبشير، إلى أن توفي معاوية بن أبي سفيان فجاء بعض المعزين إلى يزيد بمرثية  ضمنت تأبين الميت والتهنئة بالخلافة، ومن ذلك الوقت أصبح تزاوجهما مقبولا.

[22]   أشار إلى هذه الفكرة الجنيد، وعمقها ولخصها العلامة محمد مولود بن أحمد فال في "مطهرة القلوب" عندما شبه العلاقة بين الفقه والتصوف بقوله:"وكسطور الضاد والطا ذهبا   بجنب سطر بمداد كتبا"

فالتصوف تسعة وتسعون سطرا ذهبا لكن صحة إدراكها والاستفادة السليمة منها مرهونتان بوعي سطر المداد الذي هو الفقه، راجع، محمد مولود بن أحمد فال : مطهرة القلوب، مجموعة آد- تحقيق العلامة محمد عثمان بن محي الدين – يشر: أحمد سالك بن محمد الأمين بن ابوه.أرجع العلماء انحراف غلاة المتصوفة إلى جهلهم ورغبتهم عن التعلم، ولذا حذروا من الأخذ عنهم أو الاختلاط بهم.

[23]   عاطف جودة نصر: الرمز الشعري عن الصوفية، دار الأندلس، بيروت ، ط1، 1978،ص: 115.

[24]   هو محمد بن السعد بن عبد الله {ت1232هـ} ينتهي نسبه إلى سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم – جاء بلاد شنقيط مهاجر سائحا سياحة دينية، وهو في ريع شبابه وتوفي كذلك، إلى أنه أثر أثرا بالغا فيمن كانت له بهم صلة نظرا إلى تبحره في علوم الشريعة والحقيقة، وقد كان ابن الطلبه أحد أخلائه ومقربيه النادرين الدين وصلت علاقتهم به حد " الخلة" تشهد بذلك مديحيته اللامية وهذه المرثية.

[25]   أطلاقنا عليه {لاقتضائي الداخلي} تمييزا له عن {التضمين الافتقاري الخارجي} الذي يكون بين البيتين بحيث يتوقف تمام الأول على الثاني، وهو فير محبذ عند النقاد.

[26]   الديوان ، النص 73، البيت 1، ص453

[27]   الأول في قوله تعالي "لهم أجر غير ممنون" {فصلت الآية 8 }. والثاني في قوله عز وجل "لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" {البقرة الآية 264}.

[28]  البيت 2: يزجي حبيا إذا ما هد هيدبه   رعد يثج ثجيجا ليس ممنونا

      11- بحر الكراماتا من آي النبي له     وراثة منه منا ليس ممنونا

[29]   قال عز وجل قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف – سورة يوسف، الآية 85

[30] غوثا تفرع من عدنان هامتها     غيثا مغيثا أمين الغيب مأمونا

[31]   الديوان، النص 73، البيت 13ص456.

[32]   راجع الديوان، ص. 456.

[33]   راجع للتوسع في هده الفكرة : الترأونج، الشفاهية والكتابة، ترجمة حسن البنا عز الدي،ى الكلمات والأشياء سلسلة عالم المعرفة – الكويت، عدد:182.

[34]  حول ثنائية المسموع والمعقول، راجع ابن طباطبا العلوي، عيار الشعر طبعة دار الكتب العلمية – بيروت- 1982- ص 21.

القائمة

من أدب ابن الطلبة الحساني المزيد

من غزل ابن الطلبة  المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

شعر محمد بن الطلبة المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث مركز محمد بن المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

 
top Back to top