ISET

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث : مجال اهتمامات المركز ومشاغله البحثية يتجاوز الأشخاص والجهات، مركزا على شتى ألوان الثقافة العربية الإنسانية التي أنتجتها هذه البلاد وما جاورها؛ دون أن نغفل الثقافة الإنسانية العربية والعالمية منها عموما
 اتصل بنا من نحن بحوث مرويات النشاطات الرئيسة

بقلم أحمد بن امبيريك:  

مدرس، باحث؛ كلية الآداب،
جامعة نواكشوط 

سجلات القول في شعر ابن الطلبه اليعقوبي 

 يتعلق موضوع بسمة من سمات الكلمة ووجه من وجوه المعجم في شعر محمد بن الطلبه اليعقوبي[1] وتبدو الكلمة مفهوما واضحا وبديهة من البدائه يؤدي توضيحها إلى الإشكال. ولكن مفهوم الكلمة مفهوم جوهري في دراسة مختلف تجليات الظاهرة اللغوية الإبلاغية منها والبلاغية وتتضافر في دراستها حقول معرفية لغوية مختلفة ومتعددة، صوتية ومعجمية وصرفية وبلاغية ونحوية ودلالية وجمالية أدبية. وقد لا يستسيغ الباحث ذو الشهية الطبيعية أن يبتلع مفهوما بهذه الدرجة من الخطورة قبل أن يتساءل، على الأقل، عن حقيقته وماهيته وإن لم يتجاوز التساؤل. وتبدو الكلمة من الناحية الشكلية "مجموعة من الحروف تقع بين بياضين"[2]. غير أن وحدات لغوية لها خصائص "الكلمات" ووظائفها فيما يبدو لا تقبل هذا التعريف مثل الكلمات العربية من "ابن آوى" و "ابن عرس" والفرنسية من نوع "pomme de terre" وتطرح "كلمات" أخرى مشاكل من نوع آخر مثل "عنه" (عن ه)، و"قلمك" (قلم ك)الخ.

وإذا تعذر التعريف الشكلي فالتعريف الجوهري أشد تعذرا، فلا نجد بدا من التسليم مع بعضهم[3] بأن الكلمة معطى يجب قبوله وتجاوزه لدراسة قضايا لغوية تستحيل دراستها بدون قبول هذا المفهوم. وبعبارة أخرى لا مناص من قبول ما كنا عنه في البداية وهو ابتلاع هذا المفهوم الغامض المائج كما هو. وبالطبع لن نعرج في دراسة الكلمة عند ابن الطلبه على القضايا التي وقف بها القدماء وبعض المحدثين بشأن الكلمة وحسن اختيارها وجرسها وتآلف وتنافر أصوتها، ومسألة لفظها ومعناها، وما ينجر عن ذلك من ماء ورونق وحلاوة وطلاوة، ولن نخوض في الأصيل والدخيل ولا في المشتق والمنحوت ولا في الصيغ الصرفية والبلاغية في شعر ابن الطلبه فكل تلك القضايا تتنزل في صميم دراسة الكلمة في شعر ابن الطلبه اليعقوبي وتستحق العناية والدرس، ولكن هذا الحديث من حيث زمانه ومداه يكون طموحا إذا أنار السجلات الإحالية الكبرى التي يستقي منها ابن الطلبه معجمه وحظوظ كل منها من معجم الرجل، وهل طغت سجلات معينة على غيرها؟ وهل قلت أو انعدمت سجلات أخرى؟ وهل يمكن أن نجد لذلك بعض التفسير؟

في محاولة للإجابة على بعض القضايا التي تثيرها هذه الأسئلة لا يجد المرء بدا من الركون إلى الديوان وتدبره، والكلمة في الديوان وإن شرحت[4]  تبقى غفلا من الدراسة المعجمية بالمعنى الحديث لهذا المصطلح[5] ومعجم الشاعر معجم ثر ثري لم تضئه الأفهام ولم تعجمه الأقلام، ولذالك استعصى معجم الديوان في كليته على الدرس في الزمان والمدى المحددين لحديثنا هذا فاقتطعنا منه شريحة تصورنا أننا نستطيع دراستها في هذا المقام وإن ظهر لنا في النهاية أن هذا التصور لم يكن دقيقا كل الدقة ولكننا نرجو أن لا يكون خاطئا كل الخطإ. ويتكون الديوان من 91 نصا تضم 1500 بيت[6]، واقتصرت مدونتنا على 13 نصا تشتمل على 288 بيت، والنصوص هي: 1، 2، 3، 4، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 13، 16، 17. مع إلحاق النص 57 في دراسة سجل واحد في جدول واحد.

وتمثل نصوص المدونة نسبة 2.14%من نصوص الديوان بينما يمثل عدد أبيات المدونة 2.19% من أبيات الديوان أي ما يناهز الخمس.

وقد اتبعنا منهجية في دراسة المدونة تتجسد في نقل جميع الكلمات التي بدا لنا أنها تنير سجلات القول عند الرجل، ثم عكفنا على هذه المادة الخام فحاولنا، اعتمادا على انتماء الكلمة الواضح إلى هذا السجل أو ذاك، تنظيمها وتبويبا خارجيا عاما في سجلات كبرى، ثم العودة إلى كل سجل لترتيب مادته ترتيبا داخليا في صميم الحقول الدلالية التي تنتمي إليها، ليقودنا ذلك في النهاية إلى سجلات مليئة وأخرى فارغة[7] وخانات بين المليئة والفارغة. وقد وضعنا لكل كلمة إحداثيات تحيل إلى نصها وبيتها وتتكون من رقمين الأول رقم النص والثاني رقم البيت في النص.

وعلى أساس هذه المنهجية يكون حديثنا ذا تمفصلين: التمفصل الأول وصفي يقدم المادة المعجمية ويصفها والتمفصل الثاني تحليلي استنتاجي يحاول استخلاص النتائج وتحليلها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

أ‌.        : التمفصل الوصفي:

تتكون المادة المعجمية التي استقيناها من مدونتنا من 359 كلمة تنتمي إلى سجلات مختلفة وتتفاوت السجلات والمحاور الدلالية في حظوظها من هذه المادة.

1 السجل الديني:

يمثل هذا السجل نسبة 4.7% من المادة المعجمية، وترجع إحالاته إلى أربعة نصوص هي 1ـ 7ـ 13ـ 17. وتنحصر نسبة 66% من إحالات هذا السجل في النص رقم 1 البالغ 64بيتا خصص الشاعر منها 29 بيتا لمدح النبي صلى الله عليه وسلم وتتوزع نسبة الإحالات الباقية على بقية النصوص:.

1ـ الحجيج 17ـ34

2ـ الهدى 1ـ 44

3ثناء الله 1ـ29

4ـ مآب (حسن مآب؛القلم)4؛13ـ 23

5ـ الله 1ـ 29؛ 13ـ 23

النبي صلى الله عليه وسلم 1ـ29؛ 1ـ 44؛ 1ـ 55؛ 1ـ60؛ 1ـ 63؛ و 1ـ64؛

حسان بن ثابت 1ـ 34

كعب بن زهير 1ـ 34

زهير بن الصرد السعدي 1ـ 34 +1ـ 37

عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي 1ـ 42

الشيماء 1ـ 39

ضرار بن الخطاب 1ـ 44

فهر، قريش 1ـ 44+ 1ـ 49

حنين 1ـ39

كنانة 1ـ 49

خزاعة 1ـ48

عمرو بن سالم زعيم خزاعة 1ـ 47

نضيف النص 57[8] الذي تركز فيه الاقتباس من القرآن الكريم بحيث لم يخل بيت من أبياته من اقتباس كما يظهر في الجدول التالي:

رقم البيت في النص

الاقتباس

الآية

رقمها

السورة

57ـ 1

سبحا طويلا

.إن لك في النهار سبحا طويلا

6

المزمل

57ـ 2

أخذا وبيلا

أخذناه أخذا وبيلا

15

المزمل

57ـ 3

كثيبا مهيلا

.وكانت الجبال كثيبا مهيلا

13

المزمل

57ـ4

سنقلي عليك قولا ثقيلا

. إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا

4

المزمل

57ـ 5

وأقوم قيلا

. إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا

5

المزمل

57 ـ 6

وساء سبيلا

وساء سبيلا

22

النساء

 

57ـ 7

هجرا جميلا

. واهجرهم هجرا جميلا

9

المزمل

57 ـ 8

واتخذه وكيلا

. فاتخذه وكيلا

8

المزمل

57 ـ 9

بكرة وأصيلا

واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا

25

الإنسان

57ـ 10

كان وعده مفعولا

. السماء منفطر به كان وعده مفعولا

16

المزمل

 

ثانيا: سجل الفخر:

تبلغ كلمات هذا السجل في مدونتنا المعجمية نسبة 12،6% وتنحصر إحالاته أو تكاد[9] في النصين13و 17 مما يعني أن توزيعه قد يكون محدودا وتؤدي دراسته إلى معرفة القيم التي يتشبث ويعتز بها الشاعر، ومنها ـ فيما يبدو ـ الرجولة الصحراوية والكرم والشجاعة والنجدة وغيرها من القيم الجاهلية خاصة والإنسانية بوجه عام.

1.     أصيد (الذي يرفع رأسه كبرا) 1ـ13؛13ـ 10

2.     البهلول (السيد الكريم) 13ـ11

3.     العزيز 13ـ10

4.     الصعب (القرم المخصص للفحلة) 13 ـ 11

5.     الاروع(الذي يروعك جماله)17ـ 97

6.     الصريح (الرجل خالص النسب) 17ـ 100

7.     المرزأ(كثير الرزية في ماله)17 ـ 98

8.     الفتى 1ـ13

9.     المعنج (المعترض للأمور)17ـ97

10.    الصريح (الرجل خالص النسب)17ـ 100

11.    المرزأ (كثير الرزية في ماله) 17ـ 98

12.    الأبلج 17ـ 42

13.    نقي العرض 17ـ 98

14.    غير مزلج (المزلج الملصق بالقوم وليس منهم)17ـ 98

15.    شم الناخر 1ـ 13؛ 13ـ 10

16.    الرأس 13ـ12

17.    الذرى 13ـ12

18.    الروابي 13ـ 12

19.    العلى 13 ـ 13

20.    الذهبية (بالكسر:الجود) 13ـ24

21.    الدثور 13ـ 18

22.    النوال 13ـ 19

23.    السيب (العطاء) 13ـ 19

24.    الجفان 13ـ 17

25.    الجوابي 13ـ 17

26.    البذل 17ـ 47

27.    العقر 17ـ 47

28.    الندي 13ـ 10

29.    بني عامر بن يعلى 17ـ 42

30.    الحي 13ـ 8؛ 13ـ 9؛ 13ـ 21؛ 17ـ 99

31.    الحلال 13ـ8

32.    الكرم 17ـ 100

33.    الجناب 13ـ 10

34.    الرحاب 13ـ 17

35.    القباب 13ـ 17

36.    الملجأ 17ـ 99

37.    الحسب 13ـ 9؛ 13ـ 16

38.    الرفعة 13ـ 9

39.    المساعي (المكارم) 17ـ98

40.    المداعى (ج. مدعاة: الدعوة إلى الطعام) 17ـ 98

41.    الخيم (السجية والخلق)17ـ 97

42.    النجار (الحسب) 17ـ 97

43.    الصفاء 17ـ 100

44.    الأخلاق 17ـ 100

45.    التمحيض (الصفاء)17ـ 100.

 

ثالثا: السجل الغنائي: lyrique

وجدنا بعض الصعوبة في وضع مصطلح يعبر عن لحمة هذا السجل فاستهوتنا أولا عبارة "السجل الشعري" نسبة إلى الشعرية la poetique، ورغم شعورنا بدلالتها في هذا المقام وطرافتها وثرائها فإن فيها بعض اللبس وقد لا تخرج السجل الديني والفخري تماما، فعدلنا عنها إلى عبارة "السجل الغنائي" ناشدين فيها بعض الدقة والوضوح على حساب الطرافة والثراء.

ويقوم شعر ابن الطلبه اليعقوبي على هذا السجل تحيث تجوز 80% من مدونتنا المعجمية وقد قسمناه إلى محاور دلالية نسوقها فيما يلى:

1)    الظباء والنساء:

يبلغ عدد كلمات هذا المحور 67 كلمة تمثل 8.18% من المدونة، وقد شلت إحالاته جميع النصوص المدونة دون استثناء ووردت فيه أسماء نسائية هي كل ما ورد في المدونة من أسماء النساء وفازت عائشة أم المؤمنين ب 75.43 منها.

عبر الشاعر في هذا المعجم عن دلالات كثيرة تتعلق بالمرأة وجمالها المادي وبحليها وحللها وبالظباء وجآذرها.

1.     سلمى 1ـ 14؛ 10 ـ 2

2.     سعدى 10ـ 3

3.     سعاد 10ـ 3

4.     أم سعيد 3ـ 24

5.     الرباب 10ـ1؛11ـ2

6.     أميمة 9ـ 9؛ 16 ـ 2

7.     عائشة (أم المؤمنين): 3-9؛4-5؛ 8-3؛ 8-5؛ 8-13؛ 11ـ4؛ 8ـ6

8.     الكواعب (الكاعب التي نهد ثديها)13ـ15

9.     الأتراب 13ـ 15

10.           الأبكار 17ـ55

11.           العين 13ـ 15؛ 17ـ 55

12.           العون (العوان ذات الزوج)13-15؛17-55

13.           العذارى 1-7

14.           الحور 3ـ11

15.           البيض 13ـ 15؛17ـ41

16.           الخنس 1ـ8؛ 17-17

17.           الجراء مشية الجارية 1-15

18.           الخدلة (ممتلئة الساق والذراعين)

19.           العروب (الحسناء)8ـ 16

20.           ذكاء (الشمس)1-16

21.           الغض 17-41

22.           النساء 3-32

23.           الأنياب 8-11

24.           الثنايا 8-11

25.           الطرف 6-2؛ 13-16

26.           العمور (اللثات)8- 11

27.           العرف 8ـ 12

28.           الملوب (المعطر) 17- 43

29.           الطرف 6- 2

30.           المفلج (الثغر) 17ـ 62

31.           المشرق (الوجه) 17ـ 62

32.           الوضاح (الثغر) 17ـ 62

33.           الأغر (الوضاح)17-62

34.           الهجان (أبيض خالص اللون)17-62

35.           التنائي 17- 37

36.           العودة 17-37

37.           الزبرج (الزينة)1-15

38.           الؤلؤ 17-43

39.           التبر 17-43

40.           الشذر (قطع الذهب)17 ـ 44

41.           الزبرجد 17ـ 43

42.           المرجان 17ـ 44

43.           الحجل (الخلخال)17 -44

44.           الدملج (السوار)17ـ 44

45.           الخضاب 8- 17

46.           الأرجوان 17- 53

47.           المبرج (الموشى)17ـ 53

48.           الرقم (نوع من البرود يجلل به الهودج) 17ـ 53

49.           العقل (ثوب أحمر)17ـ 53

50.           الجلباب 8ـ 12

51.           الإزار 8ـ 12

52.           الريط (الثوب اللين)13ـ16

53.           العطاف الرداء 1ـ5

54.           الأنس 1ـ8؛1ـ10

55.           اللهو 8ـ16

56.           الظباء (ظباء العنقاء:"أم ركيبة")3ـ24؛ 3ـ25

57.           المهى 17ـ 48

58.           المطافل (الظباء التي معها أولادها)17ـ 55

59.           الهوادي (أوائل الوحش) 17ـ 54

60.           الربرب (قطيع الوحش)17ـ54

61.           الجؤذر (ولد الظبية)3ـ11

62.           الفرقد (ولد البقرة) 17ـ4

63.           الربع (الفصيل الذي ينتج في الربيع)17ـ 48

64.           الذرع(ولد البقرة الوحشية)17ـ 48

65.           البحزج (الجؤذر) 17ـ 48؛ 17ـ 70

66.           التولج (كناس الظبي) 17ـ 20

الهيام والليل:

يشكل هذا المحور امتدادا سيمنطقيا (دلاليا) للمحور السابق إذ بعد وصف المرأة وجمالها وحليها يكون العرام والهيام واللوعة والألم والليل الطويل والعذل والنأي و الوصب. ويبلغ عدد كلمات هذا المحور55 كلمة تمثل 4.15% من المدونة المعجمية تتوزع إحالاتها توزعا متقاربا في 10 نصوص هي 1، 3،4، 7،8، 9، 10، 11،24، 17  وهذا التوزع يضارع توزع المحور السابق.

1.     العهد 3-29؛17-76

2.     الوصل 3ـ13

3.     الاضلع 17ـ7

4.     الفؤاد 3ـ30

5.     الصبر 17ـ64

6.     الهوى 11ـ1؛11ـ3؛ 11ـ 5

7.     الغرام 4ـ1،8ـ8

8.     التهيام 9ـ2

9.     الصب 3ـ2؛ 3ـ13؛7ـ3

10.           المتيم 8ـ18

11.           المعذب 7ـ3

12.           اللوماء 3-26

13.           العذل 3-5؛ 3-26

14.           الجفاء 3-31

15.           الهجر 3-32

16.           النأي 4ـ1

17.           التباريح 17ـ 63

18.           الهم 7ـ1؛ 8ـ14؛ 9ـ3؛ 17ـ 7؛ 17ـ8؛ 17ـ9؛ 17ـ10؛ 17ـ 12

19.           الغم 17ـ37

20.           الاكتئاب 10ـ 3؛ 13ـ22

21.           الجوى 10ـ3

22.           البرح 17ـ 7

23.           العله 17ـ 79

24.           الوصب (الوجع) 9ـ3

25.           الادكار 17ـ 96

26.           الشوق 24ـ 2؛ 17ـ 63

27.           الحنين 24ـ 2

28.           هيج 7ـ3

29.           الحميا 17ـ 63

30.           الطيف 17ـ 10، 17ـ 12

31.           الخيال 3ـ9؛8-6

32.           سرى 3ـ9؛8-6؛17 ـ10؛17ـ 11؛17ـ12

33.           زار8ـ13

34.           ألم 8ـ 12

35.           الليل 3ـ6؛ 3ـ7؛ 7ـ 4؛8ـ 6؛ 8ـ12؛8ـ 18؛ 17ـ 1؛ 17ـ 2؛17ـ 3؛ 17ـ 7؛ 17ـ 45

36.           الذهل (القدر من الليل)7-4

37.           الظلام 17ـ2

38.           الدجا 17ـ 23؛ 17ـ 83

39.           الغيهبي (شديد السواد)17ـ10

40.           المدجدج(المظلم)17ـ 10

41.           طال 8ـ6؛ 17ـ 1

42.           بات 3ـ7؛ 3ـ10؛ 7ـ5؛8ـ7؛ 17ـ7؛ 17ـ45

43.           الفراش 3-7

44.           النوم 8-13؛9-2

45.           الهجوع 7ـ3

46.           السهر 9ـ2؛ 17ـ45

47.           السليم 7ـ3

48.           النجم 17ـ 2؛ 17ـ4؛ 17ـ6؛17ـ24

49.           الثريا 17ـ23

50.           الجوزاء 17ـ4؛ 17ـ20

51.           الشعرى 17ـ 6

52.           المجرة 17ـ 5

53.           الصبح 17ـ1

54.           الضياء 17ـ1

55.           المتبلج 17ـ1؛ 17ـ32

 

3 المطي:

استنفد هذا المحور أكبر عدد من معجم السجل العنائي فبلغت كلماته 93 كلمة تحقق نسبة 26،5% من المدونة المعجمية وحوالي ثلث معجم السجل الغنائي موزعة على تسعة نصوص هي 1،3، 6، 7، 8،9، 13، 16،17.ويبدو أن هذا السجل يشغل حيزا كبيرا في قاموس الشاعر وربما يكون تواتره في شعر ابن الطلبه أعلى من تواتره في الشعر الجاهلي.

1.     العيس 3ـ22

2.     المطي 9-4

3.     المهارى 13ـ18

4.     الركاب (الإبل التي يسار عليها)1-9

5.     العتاق 17ـ66؛ 3ـ16

6.     الهجان 1ـ23؛ 1ـ24؛ 13ـ 18؛ 17ـ 16؛ 17ـ 65

7.     النجيبة (القوية)16-1؛ 13-49

8.     الكوماء (عظيمة السنام)17-26

9.     الخرقاء (الناقة الطويلة)17ـ65

10.                      العفنجج (الناقة الضخمة)17ـ65

11.                      الأمون (أمنت أن تكون ضعيفة) 17ـ 46

12.                      الضمعج (الناقة الضخمة)17ـ46

13.                      العنجوج (النجيبة) 13ـ 18

14.                      البهزرة (الناقة العظيمة) 17ـ46

15.                      العجمجمة (الشديدة) 17ـ46

16.                      الجلالة (الناقة الضخمة) 9-3

17.                      الكبداء (الناقة عظيمة الوسط)9-3

18.                      القلوص (الفتية من الإبل) 9-10؛1-9

19.                      السمحج (الطويلة من النوق)9-5

20.                      الادماء (بياضها خالطه سود)17-49؛17ـ54

21.                      العبن (ضخم الجسم)17ـ25

22.                      المصعب (القرم)13-11

23.                      القرم (المكرم المخصص للفحلة لا يركب ولا يحمل عليه)9-3

24.                      العرندس (الجمل القوي)9-4

25.                      الناعج(السرريع من الجمال)17ـ25؛ 17-49

26.                      المترص(الشديد)3-15

27.                      الناجية (السريعة)3-15

28.                      الشملة (الناقة الخفيفة السريعة) 3-15

29.                      الإدلاج 17ـ12

30.                      النجاء (الإسراع في السير)1-25؛17ـ87

31.                      الاعتمال 3ـ19

32.                      المطو (الجد والنجاء في السير)3-16

33.                      زاغ (استحث)17ـ 87

34.                      تغشمرت (أسرعت في مشيها)17-68

35.                      برى 1ـ19

36.                      خدى (أسرع) 3-16؛ 3-22

37.                      زف (أسرع)17ـ96

38.                      الجرى (هيئة الجري)1ـ25

39.                      المخب (المسرع)5ـ9

40.                      الرحل 3ـ20

41.                      الركب 6ـ1؛9-4؛

42.                      الخوصاء(غائرة العينين من النوق)1ـ19

43.                      الشريج (القوس تشبه بها الناقة)1ـ19

44.                      النضو (المهزول من المطايا) 9-8؛17ـ39

45.                      الأين (التعب)3-16

46.                      الكلال 17ـ68

47.                      النصب 6-3؛17

48.                      النحوص (الأتان الوحشية الحائل أوالعاقر)3ـ21

49.                      القلو (الحمار الخفيف)3ـ20

50.                      الأقب (الضامر)3-20

51.                      السفعاء (الأسفع ثور الوحش)17ـ70

52.                      الهجف (الظليم) 17ـ91

53.                      النقنق(الظليم)9ـ6

54.                      الهيق 9-6؛17ـ91

55.                      الصعل (دقيق العنق من النعام)6-9

56.                      الهوجاء (النعامة الطويلة الشديدة) 17ـ92

57.                      العوهج (الطويلة العنق)17ـ92

58.                      الخرجاء (النعامة فيها بياض وسواد)17ـ92

59.                      الأزج (من النعام الذي فوق عينيه ريش)17ـ92

60.                      الهزلج (السريع)17ـ91

61.                      الزعر (أفراخ النعام لقلة ريشها)17ـ92؛ 17ـ93

62.                      القوب (الفرخ) 9ـ6

63.                      الدردق (الصغار من فراخ النعام)17ـ93

64.                      البيض 17ـ93

65.                      البيداء 03ـ17

66.                      النفنف (المفازة)8ـ7

67.                      الغول (البعد والمسافة)8-7

68.                      المدرج 17-30

69.                      المحضر (مكان الحضر)13ـ3

70.                      المبدى (مكان التبدي)13 ـ3

71.                      الحلة 13-3

72.                      الهوادج 17ـ29

73.                      الحدوج 17ـ25؛ 17ـ51؛17ـ49؛

74.                      الرحيل 17ـ30؛ 17ـ62

75.                      السرى 3-19؛8-10؛ 8-12؛ 9-4؛9-7؛17ـ67

76.                      الظعن 17ـ40؛17ـ13؛17ـ41؛17ـ42؛17ـ45؛17ـ61

77.                      الإدلاج (السير ليلا)17ـ23

78.                      التغليس (السير في الغلس:ظلام الليل)17ـ32

79.                      السير 16ـ1؛3ـ19

80.                      العسف (السير بغير هداية)17ـ65

81.                      قوض (قوض المتاع: نقضه من غير هدم)17ـ23

82.                      زوزى(أسرع في السير)17ـ33

83.                      جاب 3-21

84.                      خدا 3-21

85.                      انتحى 17ـ31

86.                      الدلح (المشي المثقل)17ـ55

87.                      المثقل 17ـ56

88.                      السفين 17ـ56

89.                      الهجير 16ـ1

90.                      القارب (طالب الماء ليلا)1ـ21

91.                      الهادي(الدليل) 17ـ23

92.                      المعرس (النزول آخر الليل)17ـ38؛6ـ1

93.                      النزول 16ـ2

 

4ـ البرق والحيا:

يمثل البرق نسبة 3.6% من المدونة و4.3%من السجل الغنائي وتتوزع إحالاته على خمسة نصوص هي 1،7،11،13،17.ويتلخص في ثلاثة حقول دلالية دوالها: السحابة والبرق والمطر.

1-    المزن 13ـ24

2-    الحبى 4ـ7

3-    الجهامة (السحابة)13ـ16

4-    الصبير(السحابة البيضاء)17ـ61

5-    البرق 7ـ1؛7ـ2؛11ـ5؛17ـ61

6-    الومض 11ـ5

7-    الخلب11ـ6

8-    المتبوج(بارق متبوج لامع)17ـ61

9-    الحيا (بالقطر المطر)1ـ50؛13ـ24؛17ـ61

10-          الغيث 17ـ20

11-          المتبعج (المنفرد عن الوبل الشديد)17ـ21

12-          المدجنات (من أدجنت السماء أي دام مطرها) 13ـ21

13-          قعد للبرق 7ـ4

 

5ـ أعلام المواضع

العلم هو " اللفظ الذي يدل على تعيين مسماه مطلقا" وهو من الناحية النظرية أنزع الأسماء إلى الحقيقية وأدقها دلالة لأنه يفصل ما يجمله اسم الجنس"[10]والعلم نوعان إخباري يدل كما أسلفنا على مسماه مطلقا وإيحائي ينزع إلى المجاز[11]ويشبه في بعض سلوكه اسم الجنس ومشبع بمعان حافة كثيفة؛ وهذا هو العلم الذي استخدم ابن الطلبه اليعقوبي في إعلام النساء خصوصا وفي أعلام الأماكن بشكل أوسع. ويبلغ تواتر هذا المحور نسبة 12.6% من المدونة و 17.6% من السجل الغنائي ويتوزع على النصوص: 1، 4، 8،9،10،13،16، 17 وهو توزع يدل على درجة من الشيوع في الديوان.

1.     تيرس 17ـ11؛ 17ـ15

2.     البطحاء 1ـ1؛17ـ55

3.     المبيطيح(تل صخري في آزفال)13ـ2

4.     الغشيواء 1ـ2؛13ـ2

5.     هضبة الخيل (تندكمارين)13ـ2،13ـ6؛13ـ7؛13ـ8؛13ـ21

6.      المبيديع 1ـ2

7.     ابريبير 17ـ11

8.     تنضلين 1ـ2؛ 1ـ9

9.     دوكج 17ـ13

10.                      النيش1ـ7

11.                      الموج 1-3؛8-3؛17-13؛17ـ15؛17ـ51

12.                      قديس (اكويدس) 1-3

13.                      العقيلة 4-1

14.                      تنيحي16ـ2

15.                      واد الحساء 4ـ3

16.                      اندر 17ـ5

17.                      ترقى (تاركه)17ـ5

18.                      صداء 4-5

19.                      دومس 7ـ5

20.                      العميقة (الغويرقة: أضاة) 8ـ4؛ 9-9

21.                      ذو محار (بومحاره) 8ـ7

22.                      بالنشاب 8ـ5؛ 9ـ9

23.                      ترارين 10ـ1

24.                      آمل 10ـ2

25.                      الكجيجمات (آفريجات) 13ـ1؛ 17ـ35(مرة يعربه ومرة يذكره بالاسم الصنهاجي)

26.                      وادي الأضيات (الضويات)16ـ2

27.                      الجواء 17ـ15

28.                      الفج 17ـ14

29.                      الصوى صوى تشل(قليبات تشل)17ـ14

30.                      الأجواد 17ـ14

31.                      إيج 17ـ14

32.                      الزفال (آزفال)17ـ15

33.                      زيز 17ـ15

34.                      الأرويتان 17ـ15

35.                      ابلقا ونكار 17ـ16

36.                      الكرب 17ـ26

37.                      القمع (إنفافن)17ـ26

38.                      نكجير 17ـ26

39.                      جلوى (جلوة)17ـ26؛17ـ29

40.                      ذات الرمث 17ـ27

41.                      أم هودج 17ـ27

42.                      ذو الصفا 17ـ 27

43.                      المريصيط

44.                      الحريش 17ـ31

45.                      الرغيوية 17ـ31

46.                      التوأمان (أتوام)17ـ32

47.                      قلب الظليم 17ـ33

48.                      المزيريف 17ـ 34

49.                      أوشال الثدي (البزيزلات) 17ـ35

50.                      سلمى ومنعج (موضعان في الجزيرة العربية)17ـ36

51.                      السطلان (سطل أوكمان)17-52

52.                      مادس 17ـ52

53.                      ودي الخليج (الخلجان) 17ـ52

54.                      عفلج 17ـ52

55.                      تجرج(تيجراج: موضع في تيجريت ظباءه في غاية الحسن)17ـ55

6 الأطلال:

يعقد الشاعر للبرق يشيمه ويرجوه أن يسقي الموطن التي أحبها ذاكرا إياها بأسمائها وأعلامها. فإذا ركب ناقته الطويلة القوية السريعة ومر بهذه الأطلال وقف بها واستوقف رفاقه وبكى واستبكى وذكر الأيام الوصل والهناء والأصحاب والأتراب ورغد العيش ومسالمة الزمان. وقد بلغ محور الأطلال هذا نسبة تمثل 6.7% من معجمنا و8%من المعجم الغنائي موزعة على تسعة نصوص هي 1،3،4،7،8،10،11،13،17.

ومن يقرأ الديوان يشعر بأن دراسة هذا المحور والذي قبله في سياقهما الشعري مع الاستعانة بالخارطة التي مع الديوان قد يفيد في تبين حركة الشاعر وتنقله واتجاهاته مما قد يسهم في تحسين قراءة نصوصه.

1.   الأطلال 1ـ20؛7ـ5؛17ـ38

2.   الرسوم 1ـ6؛8ـ1؛ 11ـ2

3.  المنازل  13ـ 4؛ 17ـ35 17ـ36

4.  الربوع 8ـ2

5.  المغاني 3-4؛13ـ8

6.  الدمن 1ـ4

7.  العرفان 1ـ13

8.  هاج 13ـ 1؛13ـ 4

9. السؤال 8-1؛ 13ـ8

10. الجواب 1-22؛8ـ1؛8ـ2؛ 13ـ20

11. الخرس 1ـ22

12. مقفر 1ـ1؛10-3

13. موحش 3-4؛ 8-3

14. خراب 8-1؛13-8

15. يباب 11ـ2

16. البكاء 1ـ20؛ 1ـ21؛3ـ5؛ 3-4؛17ـ64

17. الدمع 13ـ5

18. الانسكاب 13ـ5

19. الغروب (مجاري الدمع)13ـ5

20. الشباب 1-12؛8-8؛13-11؛17-39

21. الصبا 7-5

22. التصابي 8ـ18

23. الشيب 17-29

24. اللمة 17ـ39

25. الإرعواء 3ـ27

 

 

 

التمفصل التحليلي:                                                                                                       

ولنحمل في سطور أهم سجلات القول التي وقفنا عليها أثناء استعراض مدونتنا ودرسها بعد جمعها وتنظيمها وتبويبها.

السجل الإسلامي قليل ولو تعتبر الإعلام الإسلامية في هذا السجل لكان أقل ولكننا لم نرد إغفال لأنها أعلام إيحائية مشحونة بمعان حافة مكثفة des. Connotations ولا بد من التساؤل عن ندرة هذا السجل في شعر رجل كان مرجعا فقيها ولغويا في عصره، ومن المرجح عندنا أن يكون الوحيد بين معاصريه الذي اتسم شعره بندرة هذا السجل إلى درجة تدعو إلى التساؤل والتوقف.

ـ السجل العلمي[12]  الغالب غيابا نكاد نجزم بأنه مطلق، وهذه الدرجة من غياب السجل العلمي تدعو هي الأخرى إلى التساؤل والتوقف.

_ السجل الفخري: موجود بقدر محدود وتوزيع محدود وتوزيع محدود وهو يشبه في وجوده ووزنه في المدونة همزة الوصل بين الموجود والمعدوم. وقد تظهر دراسته اعتبار الشاعر للقيم الإنسانية العامة المطلقة من شجاعة ونجدة وصبر وجلد، وحسب ونسب ومنعة وغيرها وهي قيم المجتمع البدوي النقي الخاص.

-         السجل الغنائي مستحوذ على أزيد من 80% من المدونة ومتوزع توزعا مكثفا في جميع النصوصها. وقد نظم في سلكه محاور دلالية كثيرة تنتظم في سلكها حقول دلالية أكثرر، ويحيل السجل الغنائي على الحياة المادية والعقلية البدوية الجاهلية والشنقيطية ويتسم بجزالة اللغة وصحتها وصفائها. وتقتسم المرأة والناقة جل دلالات هذا السجل فتحمل المرأة دلالات الجمال والفتية والرقة والعذوبة، وتجسد الناقة معاني القوة والجلد والعزم والحزم والصبر فترمز كل من العلامتين لقيم أصلية ماثلة في المجتمعين الجاهلي والشنقيطي ومتفاعلة في نفس الشاعر وفي شعره وشعوره. وللمرأة بالإضافة إلى دلالاتها الوضعية والحافة دلالات الظباء والغرام والهيام والطلل والبرق والغيث والليل الطويل؛ وللناقة بالإضافة إلى دلالاتها الوضعية والحافة دلاللات الرحلة والسرى والبيداء والماء والقطا وحمر الوحش والنعامة والظليم وغيرها. وتلتقي المرأة والناقة بشكل أوضح في البين والظعن والحادي وغيرها، فتتكامل الدلالات وتداخل وتتضافر فتتلاقح.

ولسنا نسعر هنا، وقد لا يكون ذلك بوسعنا في هذا المقام، إلى دراسة معجم الرجل فذلك حديث آخر ذو شجون. وقد يكون تقديمنا لهذه المادة بشكل منظم ومرتب مفيدا ومعينا لمن يريد دراسة معجم الرجل دراسة صرفية أو معجمية أو دلالية ولكننا لم نهدف إلى ذلك وإنما ينحصر طموحنا في هذا الحديث في وصف سجلات القول عند الرجل وصفا يتجاوز الملاحظة والمعاينة إلى التفكير والتفسير.

ومما سبق يستطيع أن نميز الخانات المليئة وتلك الفارغة وأن ندرك بالمعاينة والإحصاء لا بالحدس والشعور أن ابن الطلبه اليعقوبي كان يقبل على سجلات ويعرض عن أخرى. فهل لنا أن نتساءل عن تفسير هذا الإعراض وذلك الإقبال؟ لماذا تمحض شعره أو كاد للسجل الجاهلي بدرجة لا نجد لها نظيرا[13] ولماذا خلا منه السجل العلمي مع حضوره[14]عند معاصريه ولماذا كاد يخلو شعره من السجل الإسلامي بينما ينتشر هذا السجل انتشار واسعا[15]في دواوين معاصريه؟ هذا السؤال لم يطرح بهذا الشكل من الوضوح والحدة، وسنجازف بمعالجته معتمدين على مصادر ثلاثة هي:

1-    مدونتنا وما استخلصناه من دراستها من نتائج وملاحظات تنير الكثير من ملامح سجلات القول عند الرجل؛

2-    استعراض تاريخ سجلات القول في الشعر الشنقيطي نسأة وتطورا وبلوغا من البداية إلى عصر ابن الطلبه واستنطاق ذلك التاريخ والتطور، عله يبوح بما يمكن أن يسهم في تفسير نزعة ابن الطلبة السائد وتصرفه مع سائر سجلات القول الحاضرة في محيطه الشعري؛

3-    ملاحظات نافذة وإشارات صائبة مبثوثة في أطروحة المرحوم جمال ولد الحسن لو انتظمت في سلك ابن الطلبه وحده لأغنت عن كثير من القول.

ونريد قبل الدخول في معمعان الإشكالية التي طرحناها والمجازفة بطرح رأي حولها أن نقدم توضيحين:

الأول يتعلق بمسألة تماثل البئتين الجاهلية والموريتانية واحتمال أن نلمس في هذا الماثل تفسيرا مقنعا لنزعة ابن الطلبه اليعقوبي إلى السجل الجاهلي. فالشاعران الجاهلي والشنقيطي يستقلان المثيرات نفسها مما يسوغ أن تكون ردة الفعل متشابهة حسب المنطق النفسي البافلوفي المعروف، ومن ثم تكون نزعة ابن الطلبه اليعقوبي إلى السجل الجاهلي نزعة واقعية ولونا محليا.

وهذا التفسير ـ وإن قام على معطيات ثقافية وطبيعية صحيحة ـ فإنه في ذاته ليس صحيحا كل الصحة لأن علاقة الشاعر بمحيطه وبيئته ليست بهذه الدرجة من البساطة، فهو ليس مجرد كاميرا ناقلة لما تمر به عدستها، ومفهوم الصدق الذي تحدث عنه حسان بن ثابت في قوله

وإن أصدق بيت أنت قائله     بيت يقال إذا ما قلته صدقا

ليس بالظرورة مناقض أو منافيا لقولة الأصمعي المشهورة: أعذب الشعر أكذبه، لأن الصدق هناك صدق العاطفة وصدق المدح والهجاء. أما الكذب هنا فهو رفع الصورة الشعرية إلى مستوى من المجاز يصل إلى الإستعارة وهذا المستوى وإن اتسم بصدق العاطفة ودقة التصوير وبراعة التعبير فإنه بيد كل التعد عن الحقيقة في الواقع.

ثم إن الواقعية ليست فقط واقعية المثيرات الخارجية بل هي أساسا واقعية الشعر والشعور وعالمهما الذي قد تنقلب فيه الكائنات رأسا على عقب تماما كما يحدث في أحلام النائم ولنا أن نتساءل عن تفسير تفرد ابن الطلبه اليعقوبي بالنزعة القوية إلى المعجم الجاهلي دون غيره من شعراء الشناقطة في عصره وفي مصره رغم أنهم عاشوا معه في بيئة ثقافية وطبيعية واحدة وتحت قبة سماء واحدة؟ ولقد عاش جرير والفرزدق في البيئة العراقية نفسها بمربدها وكناسها وتعرضا لمثيرات طبيعية وثقافية وقيمية متشابهة، إن لم نقل متماثلة، وأبو نواس وأبو العتاهية، فنحن إذا نستبعد أن يكون تماثل البيئتين الشنقيطية والجاهلية تفسيرا ذا شأن في نزعة ابن الطلبه اليعقوبي إلى السجل الجاهلي.

التوضيح الثاني متعلق بنفي التقليد عن ابن الطلبه اليعقوبي وهذا النفي ليس نفيا مقابلا لإثبات أو زعم، فلم يقل قائل حسب علمنا إن الرجل كان مجرد مقلد قلد الجاهلي في أشعاره دون ابتكار، وإنما حديثنا في هذه المسألة في باب الافتراض العلمي والاحتياط في موضوعنا.

ولفظ " التقليد" لفظ لا نعرفه مصطلحا نقديا قديما ولم يحظ حسب علمنا بالتواضع الثاني الذي بدونه لا يكون اللفظ مصطلحا؛ ولمقاربة هذا المفهوم يجدر بنا أن نتناول مصطلحا يماثله أو يقاربه. وهناك مصطلحان ازدهرا خلال النصف الثاني من االقرن الثالث والأول من القرن الرابع الهجريين وكادا يموتان بعد ذلك هما مفهوم "السرقات الشعرية" ومفهوم "الأشباه والنظائر"[16]، ونعرض على المفهوم الثاني لأنه ينحصر في إيراد ما تشابه من معاني الشعراء دون نسبتها إلى عبقرية هذا الشاعر أو ذاك". ونعرج على مفهوم السرق فهو يبحث عن مصدر الخلق والإبداع الأول وهو أعلق بمتصور "التقليد" في أذهان الناس.

وقد احتلت كتب السرقات حيز كبيرا في مكتبة القرنين الثالث والرابع الهجريين وإن ضاع أكثرها[17]  وخاض النقاد في مسألة "السرق" وجالوا ولم يمض قرن من الزمن حتى فتر حماسهم وأصبحوا يريدون أن يخوضوا في حديث غيره. وأصبح ناقد فحل مثل الآمدي يتناول السرقات بكثير من التحرج والتحفظ والتردد. ويكفي أن نتابع بإيجاز الآمدي في حديثه عن السرقات الشعرية في كتابه "الموازنة بين الطائيين" فهو أولا يحصر السرق في المعاني دن الألفاظ[18] لأن الألفاظ لو لم تكن تعاد لنفدت اللغة [19]ثم بعد ذلك يحد من مساحة سرقة المعاني ويضيقها فيستثنى منها "ما يشترك فيه الناس والجاري على ألسنتهم"[20] ثم يخفف من شأن سرقة المعاني غير المشتركة فيقول: إن من أدركته من أهل العلم بالشعر لم يكونوا يرون سرقات المعاني من كبير مساوئ الشعراء"[21]ثم إن الآمدي في آخر رحلته مع مفهوم السرق يتخلى تماما عن هذا المفهوم وينقضه من أساسه ويعلن ندمه على ما تناوله في كتابه "إذ كان هذا بابا، ما تعلى منه متقدم ولا متأخر"[22] والظاهر أن الآمدي ذا النظرة الثاقبة والذكاء المتوقد والقدم الراسخة في النقد أوقعه مفهوم السرق هذا في كثير من التخبط والتردد لم يخرج منه إلى بعد أن تخلى عنه وقذف به خارج عمله ولقد عاد النقاد في القرنين الثالث والرابع الهجريين من رحلتهم مع السرقات الشعرية بخفي حنين وأدركوا في الأخير – وبعد جهد حهيد ـ أن مسألة السرقات أرهقتهم وأربكتهم ولم يخرجوا منها بطائل، والذي لم يدركوه هو أن اللفظ والمعني وجهان لورقة واحدة وأن اللسانيين في القرن الخامس عشر الهجري عجزوا عن تنظيم أبسط الحقول الدلالية في لغة الخطاب الأدبي ويهتدوا ولا يضلوا في متاهات معاني الشعراء فيضعوا الحدود والفواصل بين العبقريات؟ وهكذا نرى أن مفهوم التقليد وإنما يحيل إلى الإخصاب وما يتولد عنه من خلق وإبداع.

لقد رأينا ضبابية مفهوم التقليد وهشاشته وقصور عامل تماثل البيئتين الشنقيطية والجاهلية عن تفسير الظاهرة التي ننشد لها هنا تفسيرا وتعود الأسئلة نفسها: لماذا خلص شعر ابن الطلبه للسجل الجاهلي أو كاد؟ ولماذا خلا أو كاد يخلو من السجلين العلمي والإسلامي مع حضورهما الملحوظ في الشعر الشنقيطي؟ وما معنى أن ينفرد من بين معاصريه بهذه النزعة القوية فيذهب مذهبا غير مذهبهم ويسلك مسلكا غير مسلكهم؟ قد نتوسل بإلقاء نظرة على باريخ سجلات القول في باريخ الشعر الشنقيطي نشأة وتطورا وبلوغا متوخين في ذلك الاختصار والإيجاز ما أمكننا ذلك المحاولة العثور على بعض عناصر الجواب.

وينقسم هذا التاريخ إلى مراحل ثلاث: أولا مرحلة النشأة والطفولة منذ القرن الحادي عشر الهجري على أدنى تقدير، وثانيا مرحلة البلوغ التطور في القرن الثاني عشر الهجري وأخيرا مرحلة الرشد في القرن الثالث عشر الهجري مع ابن الطلبه وأترابه، ونبدأ من البداية.

يبدو أن العلاقة بين الشعر والمجتمع الذي نشأفيه لم تكن في بدايتها حميمة ولا مبنية على الثقة" ذلك أن قرائن كثيرة تثبت أن فقهاء المجتمع "الزواي" في بداية عهدهم بالتعرب نظروا إلى الشعر نظرة المتوجس المرتاب[23]  وتدل على ذلك الحكاية المشهورة التي تقول إن "تشمش"[24]في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي قد أنزلت عقابا شديدا بفرد من أفرادها لأنه نظم بيتين من الغزل، وقد يكون القوم قد أخذوا بالأحاديث التي لا ترغب بالشعر وأهملوا الأحاديث المقابلة لها[25] ويورد البرتلي قول ابن أبي زيد القيرواني متحدثا عن الشعر "لا ينبغي أن يكثر منه ولا من الشغل به[26] .

قد نشأ الشعر الشنقيطي إذن في بيئة تنظر إليه "شزرا" فتولدت الحركة الشعرية من رحم الثقافة الفقهية[27] فتمحض الشعر الشنقيطي في طفولته ونشأته للسجل الإسلامي، وكانت "أول بوادر هذا الشعر مقطوعات مديحية وتوسلية ينشئها الفقهاء جزءا من نشاطهم الديني ويكتفون فيها باستقامة الوزن وسلامة أواخر الكلم"[28]

والشعر الولاتي ظهر منذ القرن الحادي عشر على أدنى تقدير [29] ظل خالصا للتوسل والمديح النبوي ولم يعرف في تاريخه الطويل غرض الغزل ولو في شكل مقدمة لغرض آخر. ويمكن أن نقول إن الشعر الشنقيطي في نشأته كان شعرا تعليميا ضعيفا لا يكاد يلتقي مع الشعر إلا في الوزن، وقد تمحض للسجل الديني تمحضا، وهو السجل الذي سيقل في شعر ابن الطلبه اليعقوبي بعد أن اشتد ساعد الشعر الشنقيطي ويستوي على سوقه في القرن الثالث عشر الهجري.

والمرحلة الثانية من تاريخ تطور سجلات القول في الشعر الشنقيطي تمتد على بحر القرن الثاني عشر وتتسم بالتطور الملحوظ الذي طرأعلى الشعر بظهر "الجيل الأول[30]من كبار الشعراء الشناقطة من أمثال: ابن رازكه العلوي ومحمد اليدالي والذيب الحسني وبوفمين المجلسي وألما بن المصطفى اليدالي. وبتطول الشعر انحسرت سيطرة السجل الديني وحلت محلها نزعة طاغية إلى السجل العلمي "وهو المستمد من مصطلحات العلوم العربية الإسلامية ومفاهيمها بعد أن اتخذت شكلها المدرسي المقنن الفقه وعلم الكلام والنحو وما يتصل بهذه العلوم من أسماء المؤلفين فيها والمؤلفات [31] ولقد طغى السجل العلمي على شعر هؤلاء الشعراء، فكان شعرهم "وجها من وجوه النهضة الثقافية العربية الإسلامية" التي شهدها القطر في مرحلة التعرب؛ وهو شعر وثيق الصلة بالدرس اللغوي نحوا وصرفا وبلاغة استنفد أصحابه قواهم في تجسيد المقاييس النقدية كما تلقوها في المتون التعليمية تذوقها في الدواوين المغربية الأندلسية وتعاطوا القريض نشاطا ثانويا لأنهم كانوا في الأساس علماء مؤلفين مدرسين[32] ويكفي أن نقف مع ابن رازكه رأس هذه المدرسة وقفة قصيرة لنتضح لنا مدى سيطرة السجل العلمي على شعر القرن الثاني عشر الهجري؛ يقول عنه البرتلي[33] إنه كان "يورد في شعره من البديع ما تعجز عنه أفهام البلغاء كأنه شعر العرب المولدين" وكلمة "المولدين" في الاستشهاد تدل على أن مرجع هؤلاء الأول كان شعر المولدين وما فيه ن تحبير لفظي ومعنوي.وعن ابن رازكه يقول محقق ديوانه محمد سعيد بن دهاه[34]:"إن شعره يعتبر موسوعة لجل معارف عصره والعصور التي سبقته، وعليه فقد أصبح من الصعب تقرير معنى بيت واحد منه دون الرجوع إلى أمهات الكتب من معاجم وتفاسير، ولغة وحديث وبلاغة وكلام وتاريخ وأصول وهندسة"

والمقدمة الغزلية في شعر ابن رازكه لا يحيل فيها على زمانه ولا مكانه[35]، وكان يحيل إلى مواطن في الجزيرة العربية. ولم يتغزل محمد اليدالي أصلا فيما عدا قطعة واحدة اعتذر عنها بقوله إنه "أنشدها لما احتوت عليه من الجناس وهو أشرف أنواع البديع[36]ونستطيع أن نخلص إلى القول إن الشعر الشنقيطي في القرن الثاني عشر الهجري قد اتسم بغلبة السجل العلمي عليه وهو السجل الذي سيخلو منه شعر ابن الطلبه اليعقوبي خلوا يكاد يكون مطلقا حسب نتائج دراسة مدونتنا كما أسلفنا.

وقد يكون الشاعر المجلسي بوفمين قد مثل الإرهاصات الأولى للنضج الذي سيظهر في القرن الثلث عشر الهجري وللنزعة التي ستتضح معالمها وتبرز خطوطها وملامحها مع ابن الطلبه اليعقوبي، وكان بوفمين في زمنه وأسلوب شعره قنطرة بين القرنين الثاني عشر النابذ للغزل والهجاء النازع إلى تطعيم الشعر باللغة والدرس اللغوي والثالث عشر قرن الرشد والنضج. فكان أول من عرض "لأسماء نساء قومه" ووصف حياته البدوية دون تكلف لوجوه البديع[37].

وإذا كان اليدالي لم يتغزل وابن رازكه لم يذكر مواضع بلاده فإن بوفمين ذكر مواطن بلاده بأسمائها الحسانية الصنهاجية[38] ويمكن أن نقول إن بوفمين – على قلة ما وصلنا من شعره – كان بداية مرحلة النضج في الشعر الشنقيطي التي ستتضح ملامحها ومعالمها مع ابن الطلبه اليعقوبي وأترابه.

ونصل إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل تطو سجلات القول في الشعر الشنقيطي وهي مرحلة القرن الثلث عشر الهجري وفيها انحسر السجل العلمي انحسارا وعاد السجل الديني بقوة وانتشار، وظهر السجل الدوي بشكل لافت عند صاحبيا محمد بن الطلبه اليعقوبي. ويلخص لنا المرحوم جمال ولد الحسن[39] توتر السجلات المعجمية في مدونته من القرن الثالث عشر قائلا:" وقد رأينا كيف تغلب المعجم الإسلامي على المدونة عموما وكيف يظهر عند شعراء معدودين المعجم الجاهلي ثم كيف يبدو المعجم العلمي بقايا من تقليد سابق محصورة في نصوص قليلة"

ونستنتج مما سبق من عرض لتاريخ سجلات القول في الشعر الشنقيطي ان السجل الإسلامية كان سجل طفولة الشعر الشنقيطي ونشأته الأولى وما اتسمت به من ضعف في البنية والنسج والشعرية وخضوع للفقهاء.

أما السجل العلمي فقد مثل مرحلة البلوغ في الشعر الشنقيطي فاتسم القرن الثاني عشر الهجري بتطعيم الشعر بمضمون الدرس فكان الشعر أشبه بتمارين تطبيقية للدروس التي درسها أو درسها الشاعر في المحضرة؛ وإن كانت درجة الشعرية في هذه المرحلة أعلى منها في مرحلة السجل الديني السابقة. وتحيل هذه المرحلة إلى مرجعية أندلسية متأخرة تكثر من المحسنات اللفظية والمعنوية.

أما القرن الثالث عشر الهجري عصر ابن الطلبه اليعقوبي فقد كان مرحلة الرشد والأشد ولكن مع عودة السجل الإسلامي بشكل واسع وانحسار السجل العلمي فكانت إذن السجلات الإيحائية في الشعر الشنقيطي الوليد إسلامية وكانت في الثاني عشر الهجري علمية نحوية وصرفية وكلامية وفقهية، وتوسع شعراء القرن الثالث عشر في استخدام السجل الإسلامي دون العلمي. ووجد ابن الطلبه ذلك الإرث وهذا فسلك سبيلا عير السبيل الذي سلكه جمهور معاصريه من شعراء بلده.  وإذا كان السجل البدوي قد ظهر في نصوص بعض الشعراء فإنه ظهر بشكل طاغ ولافت وفريد عند ابن الطلبه اليعقوبي وشكل ظاهرة متميزة ومميزة لشعره دون غيره.

ولن خلا شعر ابن الطلبه خلو يكاد يكون مطلقا من السجل العلمي كما أسلفنا فإن ذلك مستساغ نظرا لأن هذا السجل كان قد انحسر بعد الثاني عشر الهجري ولم تبق منه إلا بقايا محصورة في نصوص قليلة لشعراء معدودين من القرن الثالث عشر الهجري. ويمكن أن نقول إن ابن الطلبه اليعقوبي كان في هذه المسألة منسجما مع عصره ومعاصريه ومتسقا مع محيطه الشعري ومتسما بما اتسم به شعراء عصره. ثم إن ابن الطلبه – كما عرفناه- لم نكن ليقبل بإقحام المصطلح العلمي: الفقهي واللغوي في شعره لما في ذلك من صنعة وبعد عن طبيعة الشعر وماهيته الفنية؛ وقد يكون ابتعاد ابن الطلبه عن السجل الإسلامي أغرب وأطرف   وأدعى للتساؤل فهو عندما ابتعد عن هذا السجل إما نأى بنفسه وبشعره عن سجل نشأة الشعر الشنقيطي الأولى وطفولته وما اتسمت به من ضعف في البنية وهلهلة في النسج وضمور في الشعرية وخضوع لسلطان الفقهاء ورجال الدين.

ولكنه ابتعد كذلك عن سجل واسع الانتشار في بلده وفي زمنه يتعاطاه بيجاح وشعرية أنداده من كبار شعراء الثالث عشر الهجري. وإذا كان ابن الطلبه قد انسجم مع معاصريه بشأن السجل العلمي فإنه قد خرج عليهم فيما يخص السجل الإسلامي، وفي كلتا الحالتين يكون الرجل قد تحرر[40]من إرث سجلين طالما أثقلا مسيرة الشعر الشنقيطي في مراحل تطوره الأولى لبعدهما عن طبيعة الشعر وماهيته ليتجه إلى سجل ألصق بالشعر العربي وأكثر انسجاما معه وملاءمة له لم يقتحمه كالسجل الإسلامي ولم يقحم فيه كالسجل العلمي وإنما هو من طينته الأولى ونسيجه الحي. وهذا السجل الشعري هو السجل الجاهلي والبدوي الأفصح.

ولا يعني هذا الكلام أن اشعراء الذين استخدموا السجلين الإسلامي والعلمي ونجحوا في كتابة شعر سام قد أخطأوا ولم يصيبوا؛ ولكن استخدامهم للسجل الإسلامي ونجاحهم في ذلك الاستخدام لا ينفي كون هذا السجل مادة في الأصل غريبة على الشعر (وما علمناه الشعر وما ينبغي له)[41] أي أن السجل الإسلامي في الأصل كالسجل العلمي ليس من سجلات الشعر، وكان حسان بن ثابت رضي الله  عنه أنزل إلى السجل الشعري الجاهلي، وكان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه يستخدم بعض السجل الإسلامي الحديث. وشعر حسان أقوى منه في الإسلام وقد عده الأصمعي في كتابه فحولة الشعراء من الفحولة دون تعليق[42].

فهل يكون ابن الطلبه اليعقوبي قد أعرض عن هذا السجل وأقبل على السجل البدوي إمعانا في البحث عن الشعرية LA POETICITE   إننا نعتقد ذلك ونعتقد أن عودة ابن الطلبة اليعقوبي بالشعر العربي عموما والشعر الشنقيطي خصوصا إلى المرجع الأول في اللغة والشعر وابتعاث سجلاته وإحياء مواضيعه وصوره وقيمه وأخيلته يشبه في بعض وجوهه عودة الشعراء الغربيين إلى العص الذهبي اليوناني عندما شعرو بالضعف من حولهم وأرادوا النهوض من جديد فعادوا إلى عمالقة شعراء ذلك العصر من أمثال "سوفوكل" و "أربيد" و "أرستفان" يبتعثون سجلاتهم ومواضيعهم وشخصياتهم ومتصوراتهم ويستلهمون منهم الإبداع والخلق وينأون بأنفسهم وبشعرهم عن الصنعة والاجترار وينقلون الكلمة الشعرية إلى بيئتها الطبيعية التي بها تورق وتزهر وتثمر. ولقد عاد ابن الطلبه اليعقوبي بالشعر الشنقيطي في أيامه ألى أقوى عصوره بل إلى أسمى تجل لشعرية اللغة العربية مجردة من كل مضمون إخباري[43]ولقد تركزت في شعره الوظيفية الشعرية على حساب سائر الوظائف الجاكوبسونية وغيرها. تمحض شعره للشعر وخلص فنه للفن. والرجوع بالفن إلى عصور القوة هو ما أسماه الغربيون والعرب نهضة. ونحن نعتقد  - رغم قصور حيثنا هذا أن ابن الطلبه اليعقوبي كان ظاهرة متميزة وفريدة في عصره وفي مصرة وأن نزعته لابتعاث المعجم الشعري العربي الأصيل وإحياء المعاني والدلالات والموضوعات والأخيلة الشعرية الأصيلة يسمو إلى مستوى رفيع كان حريا بأن يؤسس لنهضة جديدة في شنقيط وفي العالم العربي قبل النهضة العربية الحديثة" ولقد ولد ابن الطلبه قبل البارودي بأربع وستين سنة وتوفى والبارودي ذو ثمان عشرة سنة، وقبل ميلاد شوقي بثلاث عشر سنة[44]

ولم تكن نزعة اليعقوبي هذه وحتى في معارضاته مجرد مجارة أو محاذاة و إنما كانت ابتعاثا بكل ما تعنيه الكلمة "من قراءة ثانية وتصرف خصيب"؛ ومن الأدلة على ذلك التصرف الخصيب تصرفه في المعجم الشعري الجاهلي المبتعث؛ فهو مثلا – وحسب دراسة مدونتنا كما أسلفنا – قد ابتعث جل السجل المتعلق بالناقة بما في ذلك الناقة والجمل والرحلة وضروب السير والبيداء والنعامة والظليم وحمار الوحش وغيرها حتى كدنا نقول إن تواتر هذا السجل في شعر الرجل أعلى من تواتره في الشعر الجاهلي؛ ولكنه لم يبتعث السلات المتعلقة بالخيل والحرب والخمر لنبوها في المجتمع الإسلامي الذي عاش فيه الشاعر خلال القرن الثالث عشر الهجري الشنقيطي. وقد تكون عبقرية اليعقوبي في القدرة على التصرف عكسا لما يعتقد البعض فقد هضم ثقافته إلى درجة أنها لم تظهر في شعره كما ظهرت ثقافة غيره في شعره، فبالرغم من أن الرجل كان مرجعا عقد بالنظم أهم  مؤلفين  في ثقافة القوم هما مختصر خليل بن إسحاق وتسهيل ابن مالك فإن هذه الثقافة العالمة لم ترشح في شعره كما رشحت في شعر غيره بل وتدفقت في أشعار بعض معاصريه. وقد لاحظ المرحوم جمال بن الحسن ذلك فقال:"لقد كان ابن الطلبه شاعرا تخلص من ثقافته المدرسية ما أمكنه ذلك"[45] ولقد هضم ثقافته العالمة إلى درجة التماهي فلم تعد تؤثر سلبا على شعرية شعره وما الأسد كما يقال إلى مجموعة من الخراف مهضومة. ولعل الكلمة التي تفسر الكثير في شعر ابن الطلبه اليعقوبي كما في ذلك سجلات القول هي الشعرية LA POETICITE لقد كانت ضالته ينشدها ويقتفي آثارها ولا يبحث عنها في غير مراتعها ومواردها.

 

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

ابن الطلبه (محمد بن محمد الأمين تـ 1272 هـ)، الديوان، تحقيق محمد عبد الله بن الشبيه ابن ابوه، مراجعة محمد سالم بن محمد عالي بن عبد الودود، تقديم محمد بباه بن محمد ناصر، نشر أحمد سالك بن محمد الأمين بن أبوه – مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000.

ابن الحسن (أحمد تـ 2001.)، الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري: مساهمة في وصف الأساليب، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، [د.م.ن.] 1995.

البرتلي (الطالب محمد بن أبي بكر تـ: 1237) فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، تحقيق الكتاني محمد حجي، بيروت،1981.

الآمدي (أبو القاسم الحسن بن بشير بن يحي، تـ 370هـ) الموازنة بين  أبي تمام حبيب بن أوس الطائي، وأبي عبادة [البحتري] الوليد بن عبد الحميد الطائي، القاهرة، 1944.

ابن رشيق (أبو علي الحسن القيرواني، تـ:464هـ)، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، دار الثقافة، بيروت، [د.ت].

ابن الأثير (ضياء الدين، تـ:393هـ)، الخصائص، حققه محمد على النجار، ط2، [د.ت].

الحموي (شهاب الدين ياقوت بن عبد الله، تـ:626هـ)، معجم الأدباء القاهرة، مطبعة المأمون، [د.ت].

الخالديان (أبو بكر محمد، تـ:380 وأبو عثمان سعيد، ت:390 ابنا هاشم)، الأشباه والنظائر،" حققه وعلق عليه يوسف، القاهرة 1968.

القيرواني (الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد تـ:389هـ)، الرسالة، طبعة التيجاني المحبوبي تونس، [د.ت].

زكريا ميشال، الألسنة: علم اللغة الحديث مبادئه وأعلامه، بيروت، 1980

 


[1]  شاعر شنقيطي كبير 1188هـ /1774م/1856م

[2] La linguistique. P194

[3]  La linguitique. P 194

[4]  لقد استفدنا من شرح الأستاذ محمد عبد الله بن اشبيه بن ابوه للديوان استفادة وفرت لنا وقتا ومجهودا ثمينين.

[5]  مفهوم المعجم والمعجمية

[6] مقدمة الديوان، ص.71

[7]  أهملنا معجم بعض المحاور الدلالية التي لا تكون عديمة الوزن في معجم الرجل مثل النباتات وتضاريس الأرض والصيد والحكم.

[8]  إذا استسغنا نسبة هذا النص إلى شاعرنا رغم ما به من اقتباس فإننا لا نستسيغ نسبة النص 88إليه رغم العلم "اعويش" الوارد فيه.

[9]  ثلاث إحالات فقط على النص 1

[10] صورة بخيل الجاحظ  الفنية ص.59

[11]  نعني بالمجاز مفهوم العدول ecart، انظر مفهوم المجاز والعدول في:

ـ المثل السائر،ص.106

ـ الخصائص، ص.ص.42 و 44

[12]  السجل العلمي "وهو المستمد من مصطلحات العلوم العربية الإسلامية ومفاهيمها بعد أن اتخذت شكلها المدرسي المفتن كالفقه وعلم الكلام والنحو وما يتصل بهذه العلوم من أسماء المؤلفين فيها والمؤلفات. الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر، ص.268

[13]  وجود بعض سمات النزعة عند ابن حنبل لا يغير من هذه الحقيقة شيئا. انظر الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري، المصدر نفسه، ص.268

[14] المصدر نفسه، ص.369

 

[15]  المصدر نفسه، ص 369

[16] انظر "الأشباه والنظائر" للخالديين. طبع، بالقاهرة، 1968م

[17] نذكرمنها إغارة كثير على الشعراء "، للزبير بن بكار بن عبد الله، و" سرقات البحتري" لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور و "السرقات للنصيبي، و "السرقات" للصولي، و "سرقات" البحتري من أبي تمام للنصيبي وغيرها كثير. انظر "معجم الأدباء" لياقوت الحموي، على التوالي في الأجزاء والصفحات التالية 1/164- 1/368-2/419

 

[18] الموازنة ص 331

[19] مفهوم اقتصاد اللغة في الألسنة زكريا الصفحات 57-58-257.

[20] الموازنة .114

[21] الموازنة ص. 273

[22]  الموازنة ص 273

[23]  الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري، ص..82

[24]  حلف من القبائل الشنقيطية قام على جملة من المبادئ أساسها التقوى وطلب العلم، وإليه تنتمي قبيلة الشاعر

[25]  العمدة ج1 ص14 و 18ج4 ص 11

[26] الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر ص 83 عن فتح الشكور ص 65عن رسالة أبي زيد القراوني ص.720ط التجاني المجدي تونس بدون تاريخ

[27] المصدر نفسه ص:422

[28] المصدر نفسه ص 82

[29] الشعر الشنقيطي، ص.84

[30] المصدر نفسه، ص. 84

[31]  المصدر نفسه، ص.252

[32]  المصدر نفسه، ص. 84-85

[33] فتح الشكور، ص. 164

[34]  ديوان سيدي عبد الله بن محم العلوي الشنقيطي: ابن رازكه، شرح وحقيق محمد سعيد بن دهاه، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1986

[35]  الشعر الشنقيطي، ص. 86

[36] المصدر نفسه، ص. 86

[37]   المصدر نفسه، ص.90

[38]  الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر، ص. 91

[39]  المصدر نفسه ص. 369

[40]  التحرر مطلقا من السجل الديني في الشعر الشنقيطي غير معقول ولكن حضور هذا السجل قليل جدا في ديوان  الرجل بالمقارنة مع معاصريه رغم كونه عالما عقد بالنظم أهم متنين في ثقافة القوم هما مختصر خليل بن أسحاق وتسهيل بن مالك.

[41]  سورة يس، الآية 68

[42] فحولة الشعراء، ص .8

[43]  الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر، ص.366

[44] الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري ص 71

[45] الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر الهجري ص71.

 

القائمة

من أدب ابن الطلبة الحساني المزيد

من غزل ابن الطلبة  المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

شعر محمد بن الطلبة المزيد

محمد بن الطلبة المولد والنشأة  المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

المعجم الشنقيطي العربي المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

التعاون المغاربي يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع مؤسسات المغرب العربي بما في ذلك الموروث الثقافي البربري العربي 

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن المزيد

التعاون العربي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات العربية المحلية والدولية   المزيد

مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث  مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث مركز محمد بن المزيد

التعاون الإفريقي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع المؤسسات الإفريقية النشطة في المجال  المزيد

التعاون الدولي  يتطلع مركز محمد بن الطلبة للدراسات والبحوث إلى التعاون الثقافي والمعرفي مع الهيئات الدولية المزيد

 
top Back to top